حقيقة مرض انفلونزا الماعز

انفلونزا الماعز

انفلونزا الماعز

مصريات

حســـن فتحي
في ظل حالة الهلع التي تعيشها بلدان كثيرة من أنفلونزا الخنازير‏ ، جاءتنا الأخبار من هولندا عن إصابات بالحمى المجهولة‏Query fever‏ التي يطلق عليها اختصارا‏’‏ كيو‏’Q‏ وقد نسبتها الكثير من وسائل الإعلام خطأ الى فصائل الانفلونزا‏ ، ولقبتها بـ‏’‏ انفلونزا الماعز‏’ ، رغم أنها ببساطة مرض بكتيري وليس فيروسي‏ ، ولاعلاقة له من قريب أو بعيد بالأنفلونزا‏ ، لكن وجدها الكثيرون ـ عن جهل ـ فرصة لإطلاق قائمة من الاتهامات سابقة التجهيز بأن هناك مؤامرة بيولوجية أخري على الطريق‏ ، على خطي مؤامرة أنفلونزا الخنازير‏ ، حيث تكال اتهامات ترقى الى أعلى مراتب الشك بأن هناك جريمة دبرتها بليل مختبرات غربية لإطلاق هذه السلالة المصطنعة من أجل تسويق لقاحات سابقة التجهيز‏ ، وترويج عقاقير مضادة للأنفلونزا تكدست براءات اختراعها‏.‏

تقارير القلق انطلقت هذه المرة من هولندا‏ ، التي قررت سلطاتها ذبح جميع إناث الماعز‏’‏ العشر‏’‏ كإجراء وقائي لمواجهة انفلونزا الماعز الذي ظهر بأراضيها‏ ، ولتوضيح الحقائق‏ ، يقول الدكتور عادل عبدالعظيم أستاذ وبائيات المرض بكلية طب بيطري القاهرة أن هذا المرض ميكروب وليس فيروسي على الإطلاق ولاعلاقة له بإنفلونزا الطيور أو الخنازير‏ ، ومسبب المرض ميكروب‏’‏ كوكسلا برنتي‏’‏ وبدأ ظهوره عام‏1935‏ في أحد المجازر باستراليا وتم عزل الميكروب عام‏1938‏ في الولايات المتحدة‏ ، والمرض مسجل في جميع دول العالم‏ ، عدا نيوزيلندا‏ ، ولايظهر إلا في مواسم الولادات للأغنام والماعز‏ ، والميكروب المسبب له نوع من البكتريا ذات مواصفات خاصة‏ ، إذ لاتتكاثر إلا في الخلايا الحية‏ ، ولها عوائل طبيعية هي‏6‏ من الثدييات الصغيرة أبرزها الفئران والأرانب والكلاب والقطط‏ ، حيث تنتقل فيما بينهم‏ ، وتنتقل العدوى من الثدييات الصغيرة الى الأغنام والماعز والأبقار‏ ، ولاتظهر عليهم الأعراض باستثناء حدوث الإجهاض في‏50%‏ من القطعان المصابة‏ ، و انفلونزا الماعز ينتقل للإنسان في أثناء مخالطته للقطعان المصابة‏ ، وتأتي العدوى بالشم من السوائل التي تخرجها هذه الحيوانات بعد الولادة أو

من الأغشية الجنينية‏ ، وإذا جفت على أرض ترابية تتحول الى تراب يستنشقه المخالط‏ ، لكن لاتصيب إلا المخالطين من رعاة وبيطريين ومهندسين زراعيين وجزارين وعاملين بالمجازر‏ ، لذا فهو يعد مرضا مهنيا‏ ، والمرض لاينتقل من إنسان لآخر‏ ، بل يعد عائل نهائي له‏.‏ وأضاف الدكتور عبدالعظيم إن انفلونزا الماعز كان يعد من الماضي‏ ، لكن الدراسات الحديثة حتي‏2006‏ أثبتت أنه في الفترة بين‏2000‏ ـ‏2006‏ زاد عدد الإصابات بمعدل‏6.5‏ أضعاف الإصابات المسجلة بـ انفلونزا الماعز سابقا بالولايات المتحدة‏ ، وفي آخر مؤتمر بيطري عقد بأمريكا أخذت عينات دم من الأطباء البيطريين المشاركين اتضح منها أن‏22.5%‏ منهم كانوا قد تعرضوا للإصابة بميكروب انفلونزا الماعز دون أن تظهر عليهم الأعراض‏.‏

وأعراض انفلونزا الماعز حمى مفاجئة وحرارة مستمرة تصل الى ‏40 ‏ درجة لمدة أسبوع الى أسبوعين وصداع شديد جدا وآلام حادة بالعضلات والتهاب في الزور وزغللة ورعشة مع عرق غزير وسعال جاف وآلام بالصدر وشعور بالإغماء وأحيانا قئ وإسهال وألم بالبطن وفقدان بالوزن‏.‏

هل كل من يتعرض للعدوى تظهر عليه اعراض انفلونزا الماعز ؟

لا‏ ، بل تظهر علي‏50%‏ فقط ممن تعرضوا للعدوى ، وتظهر الأعراض بعد العدوى بفترة تتراوح بين‏1‏ ـ‏3‏ أسابيع‏ ، هي فترة الحضانة‏ ، وقد ثبت أن الميكروب موجود في اللبن والسوائل والأغشية الجنينية‏ ، مما يعني التحذير من تناول اللبن أو منتجات الألبان دون معاملتها حراريا‏ ، إضافة إلي
التحذير من مخالطة الحيوانات أثناء فترة الولادة‏ ، وارتداء الأقنعة أثناء التعامل معها‏.‏

ومن السهل علاج انفلونزا الماعز‏ ، وكإجراء وقائي يجب حقن كل الحيوانات أثناء الفترة الأخيرة من الحمل بالتتراسيكلين طويل المفعول لتقليل إفرازات الميكروب منها أثناء الولادة‏ ، ولابد من التنبيه على المخالطين للحيوانات من عزلها أثناء الولادة‏ ، وتجدر الإشارة الى أن انفلونزا الماعز ميكروب عنيد جدا ومقاوم لكل المطهرات‏ ، ويحتاج تطهير اليدين في حال مخالطة هذه الحيوانات أثناء الولادة الى مطهر بنسبة‏70%‏ من تركيز الكحول‏.‏

ويقول الدكتور ماجد رفعت أستاذ المناعة والحساسية بطب عين شمس أنه قد أجرى دراسة قبل‏5‏ سنوات ـ وهي الوحيدة خلال‏50‏ عاما في مصر ـ على عدد من الحالات المصابة بحمى انفلونزا الماعز  ، وشملت‏50‏ مريضا‏ ، وقلل تماما من خطورتها‏ ، مؤكدا ندرتها وأنها مجرد‏’‏ دور برد‏’‏ عادي‏ ، و انفلونزا الماعز من الأمراض المهنية التي تصيب المخالطين للحيوانات في الريف‏ ، وخاصة مرضي الحساسية‏ ، لكن لم نجد منها حالة خطرة‏ ، وتشفى بالمضادات الحيوية الرخيصة‏ ، ومضاعفاتها نادرة‏ ، وبعض المراجع الطبية تقول انها تسبب مضاعفات على القلب والرئتين والمخ‏ ، لكن لم تثبت هذه المضاعفات في الدراسة المصرية‏.‏

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً