تكفير المصريين .. وتقسيم الوطن

مهدي عاكف المرشد العام للاخوان المسلمين

مهدي عاكف المرشد العام للاخوان المسلمين

مصريات

محمد علي ابراهيم

قبل أن اتطرق لقضية التنظيم الدولي للاخوان المسلمين التي اعتقلت السلطات قياداتها ويمثلون أمام المحاكمة قريبا. يهمني في البداية التأكيد على أن الاسلام لا يحتاج تنظيمات.. فديننا الحنيف ليس قاصرا على جماعة الاخوان المسلمين.. فعندما أسس حسن البنا جماعة الاخوان اسبغ على أعضائها “فقط” نعمة الايمان وليس على جميع المسلمين.
وهكذا تعرض المجتمع المصري الى فرز خطير بين “اخوان” مسلمين أو هم وحدهم المسلمون وآخرين غير مسلمين لا يتمتعون بالمساواة مع أفراد الجماعة ولا يرقي ايمانهم الى الايمان الذي تخص الجماعة نفسها به.
من ثم فان الفكرة التي طرحها الاخوان ومؤسسهم البنا تتناقض بشكل جذري مع شمولية الاسلام.. “تخصيص” الاسلام هو نوع من الفرز الديني والطائفي المتعالي على المجتمع والوطن.. بل انه يتناقض تناقضا خطيرا مع قدرة الاسلام على التكيف والمساواة في الدولة الحديثة.
ومن نفس الفكرة والعباءة خرج “حزب الله”. فهو الرد الشيعي على الاخوان المسلمين.. وحزب الله وان كان أكثر ضيقا وتزمتاً. الا انه يتفق مع الاخوان المسلمين في المعني الأعم والأشمل وهو أن سائر المواطنين والطوائف ما لم يكونوا أعضاء في “حزب الله” أو “الاخوان” فانهم محشورون في “حزب الزقوم” الذي خص به القرآن الكريم الجماعات الكافرة التي لم تتقبل الاسلام.
وبهذا يتفق “حزب الله” مع “الاخوان” في معني هام جدا وهو انهما طالما هما الجماعتان الوحيدتان الراعيتان والمسئولتان عن الدين الاسلامي. فالخارج عنهما يعامل معاملة حزب الزقوم.. أي معاملة الكافر.
ولعل هذا ما يفسر لنا لماذا تحول “حزب الله” من محاربة إسرائيل الى محاربة اللبنانيين.. سلاح حزب الله تم توجيهه الى خصومه السياسيين.. أتدرون ما هو الخلاف الأساسي بين حزب الله واللبنانيين أو بين الاخوان المسلمين والحكومة في مصر؟! “حزب الله” و”الاخوان” يعارضان أن تكون الدولة صاحبة الحق الوحيد في السلاح والتسليح.. حزب الله ينتمي الى المقاومة الباسلة ضد إسرائيل وكذلك يزعم الاخوان المسلمون انهم يؤيدون المقاومة في غزة وينوون دعمها بالمال والسلاح!. ومن ثم فينبغي أن يحصل الاثنان على السلاح. ومن يمنع عنهما ذلك فانه يمنع الجهاد الأكبر!. ويمنع الحرب ضد الطاغوت وهي إسرائيل.. وفي رأي الاخوان وحزب الله أن الحكومة في مصر ولبنان جانبهما الصواب.. فالسلطات الأمنية في مصرمن وجهة نظر الإخوان ونوابهم تعتدي أو تعتقل أو تحاكم حزب ثقات المؤمنين أو الجماعة المحظورة بينما الواجب أن تساعدهم وتترك لهم الحبل على الغارب حتى تفسد البلاد!!
لقد قرأت مقالاً في صحيفة “المصري اليوم” لأحد قيادات جماعة الإخوان وهو د. محمد البلتاجي وخلص فيه الى أن الأنظمة العربية وعلى رأسها مصر غيرت بوصلتها من دعم المقاومة الفلسطينية الى اتجاه العدو تمهيدا لصفقة التطبيع الكامل والمجاني!!
وقبل أن استرسل في تفنيد دعاوي القيادي الإخواني يهمني القول إن النبي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام وكذلك خلفاؤه من بعده لم يطلقوا على جيش المسلمين اسم جيش محمد.. الإسلام في طهارته الأولي ونقائه لم يعرف هذه التعريفات الدينية..
بكارة المسلمين الأوائل منعتهم أن يطلقوا على أنفسهم حزب الدعوة أو الناجون من النار أو الجماعة الإسلامية أو جند الإسلام.. أو.. أو.. مثلما يحدث الآن في التنظيمات الإسلامية السرية والعلنية.
إن ما كتبه د. محمد البلتاجي في “المصري اليوم” وسبق أن كتبه بنفس النص على موقع الإخوان الإلكتروني يؤكد أن الإخوان ينظرون الى الدولة من منظور حزب الزقوم لأنها أبرمت اتفاقية سلام مع إسرائيل وأنها تسعي للتطبيع معها.. والقيادي الإخواني صاحب النظرة الأحادية نسي أن مصر لم توقع سلاما إلا بعد حرب ونصر.. ولولا القاهرة وجهودها ودفاعها عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لدفنت هذه القضية منذ زمن بعيد..
لقد أطلق د. البلتاجي على التنظيم الدولي للإخوان اسم التنظيم الدولي لنصرة فلسطين!! ويقيني أن “نصرة فلسطين” لا تكون بتنظيم قوافل إغاثة ينتهي الحال بها الى أن تباع في السوق السوداء بغزة رغم أنها سلع مدعومة اشتراها الإخوان من مصر ليبيعها تجار السوق السوداء في غزة مستفيدين بفارق الأسعار! ولا تكون باستغلال أموال نقابات المحامين والأطباء والمهندسين وغيرها وتوجيهها الى فلسطين بدلا من تقديم الخدمات لأعضاء النقابات..! نصرة فلسطين لا تكون بالشعارات والمظاهرات..! ولا تكون بالدفاع عن “خلية حزب الله” التي ضبطت في مصر وهي تخطط لضرب موارد الاقتصاد الوطني من قناة السويس وخطوط أنابيب البترول..! نصرة فلسطين أمامها طريق واحد في الوقت الراهن هو مساعدة الفلسطينيين على قيام دولتهم المستقلة الى جانب دولة الاحتلال الغاشمة والحصول على اعتراف العالم بهم.. هذا هو الطريق الوحيد والصحيح.
لقد كان الرئيس مبارك وليس غيره هو صاحب المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار التي أسفرت عن صدور قرار مجلس الأمن 1860 متضمنا الإشارة ثلاث مرات الى المبادرة المصرية..في أول اعتراف دولي بمصر تتم صياغته في قرار لمجلس الأمن.
لقد كانت مصر هي صاحبة المبادرة في دخول قوافل الإغاثة الى غزة.. المساعدات الإنسانية المصرية التي دخلت القطاع تعادل وربما تتفوق على جميع المساعدات التي ارسلتها الدول العربية مجتمعة بما فيها الدول البترولية وإيران التي “تشدقت بأكثر مما تصدقت” .. كان الهم الأكبر لإيران وحزب الله والإخوان هو “الشو الإعلامي”. ارادت طهران ارسال مستشفى ميداني للعريش ومعه مذيع لقناة فضائية يبث للقنوات الإسلامية جهود 6 أطباء إيرانيين في علاج الجرحي. بينما ألف طبيب مصري يعملون على مدار الساعة والى جانبهم طائرات تنقل المصابين للقاهرة إذا تعذر علاجهم في 8 مستشفيات على الحدود مع غزة.. وهذا هو الفارق بين الواجب والشو الإعلامي.
مصر فعلت الكثير للفلسطينيين وهم أول من يعلم ذلك. لكن ليس من شيم المصريين المن و”المعايرة”.. مصر تساعد الفلسطينيين إنسانيا لأن هذا واجبها.. اما الإخوان وحزب الله وبقية “الذين في نفوسهم غرض” فيقدمون مساعدات عينية محدودة لخدمة اغراض إعلامية أكبر.
إن ماتقوم به “حماس” حاليا في غزة ليس مقاومة وانما تثبيت لاركان الحكم وفرض الايدولوجية الإسلامية والإخوان الأم الرؤوم لحماس يهمهم أن ينجح وليدهم ويقيم إمارة إسلامية.. هذا هو المهم.. أن ينقسم الوطن الفلسطيني الى دويلة إسلامية وأخري علمانية.. نفس الشيء يريدونه في مصر.. فلماذا لايكون جزء من سيناء “إسلامي” وينضم الي غزة باسم “غزة الكبري”. وهو المشروع الصهيوني الذي طرحه كتاب وسياسيون إسرائيليون ويتبناه “الإخوان” في نفاق واضح ورخيص.
الإخوان يؤيدون “حماس” ولايناصرون القضية الفلسطينية.. ومحاولة فرض ايدولوجية حركة المقاومة الإسلامية في غزة هي التي عطلت المصالحة.. وأوقفت المصلحة الاستراتيجية العليا للفلسطينيين كي يكونوا يدا واحدة.. من أجل ذلك ترفض حركة “حماس” ويؤيدها الإخوان وجود السلطة الفلسطينية أو ممثلين لها على معبر رفح الذي سعت بكل الوسائل بما في ذلك اقتحامه لفتحه منفرداً لها غير مكترثة ببقية المعابر.. والسبب بسيط فهذا المعبر هو الذي سيعطيها الشرعية ويربطها كحبل سري بالحركة الأم في مصر.. الاخوان المسلمون..
الاخوان وحماس غير عابئين بمعاناة بقية الفلسطينيين.. الاهتمام كله بغزة وليس بفلسطين وب “حماس” وليس حكومة سلطة فلسطينية واحدة.. وأقول للاخوان الذين يراهنون على “حماس” إن حركة “طالبان” لم تستطع البقاء في حكم افغانستان الأكبر حجماً عشرات المرات. فهل ستنجح “حماس” الصغيرة!

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً