مانويل جوزيه :معظم الصحفيين المصريين لا يفقهون شيئاً في كرة القدم و سيئون كصحفيين وكأشخاص و لذا أنا لا أحترمهم

مانويل جوزيه

مانويل جوزيه

علاقتي بالمشجعين المصريين كانت قوية بمن فيهم مشجعو الزمالك أو الإسماعيلي الذين لا يحبون الأهلي > لاعبو الأهلي تغيروا.. لم يعودوا يسمعون ولا يتعلمون بل يعيشون الأوهام التي يبنونها لأنفسهم ،

 

 في حوار مع  جوزيه مدرب الأهلي الأعظم والأهم في السنوات الأخيرة اثبت انه قادر على إطلاق صواريخه حتى بعد ابتعاده عن الأهلي و مصر

> «الحياة ليست بالأمر الثابت، بل كلها تجديد وتغيير لكن لا يوجد أحد يتخلي عن وضع آمن ومستقر ليختار العكس» هل تذكر هذه العبارة، لقد رددتها في حوار سابق مع «سوبر».. ما الذي تغير؟

بالطبع أتذكرها، لكن الحياة تتغير باستمرار وفي الوقت نفسه هي مجموعة من البدايات الجديدة، أنا شخصياً أردد هذه العبارة وقمت بتأليفها

لأنني كمدرب أسعي إلي تحقيق هدفين: الأول الوصول إلي القمة من الناحية المهنية أي تدريب المنتخب الوطني، وهذا يعني المنتخب الوطني لبلادي، والثاني هو الاستقرار بمعناه الشامل، لأن حياة أي مدرب مقرونة بعدم الاستقرار أو الآمان وتعتمد بشكل رئيسي علي النتائج، لكنني قلت هذه العبارة لسبب ما: «إذا نظرت إلي حياتي أجد أنها تتألف من مجموعة من البدايات، لقد كنت دائماً أرضي بالمغامرة رغم أن وضعي كان جيداً لحظة الاختيار، كنت أتلقي دائماً عروضاً للعمل في آمان وثبات، لكنني كنت أختار الأكثر مغامرة وخطورة، ويراودني شعور جيد عندما تكون نسبة الأدرينالين مرتفعة، أتعامل مع كل مباراة علي أنها نهائي وكلما حفزت نفسي أكثر يزداد شعوري بالاطمئنان وأتمكن من السيطرة علي الضغوط المتزايدة.

> إذاً أنت تعترف بأن الإشراف علي منتخب أنجولاً يحمل نوعاً من المغامرة؟

بل ترك الأهلي في وضع اكتمل فيه العمل والانتقال إلي منتخب أنجولا يحمل بالتأكيد في طياته كثيراً من المغامرة لأنه ليس من أفضل المنتخبات في القارة الأفريقية، وفي الوقت نفسه أشعر بالفخر لثقة المسئولين في أنجولا بشخصي واستطاعتي رفع مستوي أداء الفريق وظهوره بشكل جيد في كأس الأمم الأفريقية، أنا أعتبرها مكافأة لي علي ما أنجزته في مصر، كان قرار اختياري بالإجماع، كان في نيتي أن أستريح فترة أربعة أو خمسة أشهر بعد عمل رائع استمر خمسة أعوام ونصف العام لم يتسع لي فيها الوقت للقيام بأي عمل جانبي، وفجأة تلقيت عرضاً أنجولياً، والحقيقة أنني كنت متشككاً ولم أكن أنوي القبول في البداية.

> ولماذا قبلت؟

الأمر الذي أقنعني كان الطريقة التي تصرف بها رئيس الاتحاد الأنجولي «جوستينو لوبيس» ونائب رئيس الاتحاد «روي كوستا» اللذان توجها خصيصاً إلي القاهرة بعد رحلة طويلة، عبر جوهانسبرج في جنوب أفريقيا ليقضيا معي 8 ساعات وقالا لي إنني مدرب الاتحاد والشعب الأنجولي، وإنهم يثقون بي جداً ويودون لو أصبحت مدرب منتخبهم، لقد كان هذا بالنسبة لي إقراراً صريحاً بثقتهم الكبيرة، ولأن رئيس الاتحاد جاء خصيصاً من أجلي فقد أسهم ذلك في قبول العرض، بالإضافة إلي ذلك هناك نقاط التقاء كثيرة مع أنجولا، اللغة والثقافة وهناك كثير من اللاعبين الأنجوليين يلعبون في البرتغال، بالإضافة إلي إمكانية أن ألتقي أكثر بعائلتي.

> هل كانت عائلتك أكبر دافع لك للقبول؟

كان الجميع مندهشين جداً لفكرة رحيلي عن الأهلي، لكن الحقيقة أن من الأسباب التي دعمت فكرة خروجي أن والدي الآن يبلغ من العمر 94 عاماً وآخر مرة رأيته فيها كانت في يونيو من العام الماضي، ابني رأيته مرتين هذا العام، زوجتي تواجه صعوبة كبيرة أثناء وجودها في مصر، وقد بدأت الاكتئاب في الشهر الأخير، لقد عاشت معي في القاهرة 3 سنوات، لكن بدأت الأمور تزداد صعوبة بالنسبة لها.

> هل انتهت علاقتك بالأهلي برحيلك؟

سيبقي الأهلي مرتبطاً في ذاكرتي بأفضل فترة في حياتي المهنية كمدرب.. فترة كنت فيها محبوباً وصاحب شعبية كبيرة لم أحظ بها في حياتي، شيء يفوق الخيال، الشعب المصري كبير القلب وعاطفي وإن أحب فهو يحب بكل ما للكلمة من معني، رحيلي عن مصر هزني لأنني شعرت بأنني جزء من تلك العائلة، أحياناً أشعر بأنني لم أستحق هذا الكم من الصداقة والحنان والمحبة، نلت قدراً من المحبة لم يحصل عليه أي مدرب في العالم، ليس لدي شك في ذلك وهذا شيء لن يمحي أبداً من ذاكرتي، لا أتصور أن يكون أي مدرب علي علاقة قوية بهذا القدر من المشجعين، بل مع الشعب بشكل عام، سواء كان من مشجعي الزمالك أو الإسماعيلي، الذي لا يحب الأهلي.

> ألم يعرض عليك الاستمرار مع الفريق؟

المشكلة التي واجهها الأهلي هذا الموسم هي عدم نجاح اللاعبين الذين تم التعاقد معهم، فيما عدا لاعب واحد فقط هو الأكبر «أحمد حسن» القادم من نادي أندرلخت البلجيكي أدي بشكل إيجابي، أما الباقون فلم ينجحوا، كانوا جيدين في أنديتهم، لكن لدي الأهلي 40 مليون مشجع، قميصه يزن طناً وهؤلاء اللاعبون لديهم عادات سيئة وأثبتوا ضعفاً في إرادتهم، أعطيتهم فرصاً كثيرة لكنها لم تثمر شيئاً، وهكذا كنا دائماً مضطرين للاعتماد علي اللاعبين الأكبر سناً.

> ألست من اختارهم؟

نعم.. وليس ذنبي أنهم فشلوا لأن هذا حدث بسبب طبيعتهم ونظرتهم للأمور وليس بسبب غياب القدرات الفنية، عندما نقيم لاعباً ما يكون من الصعب تقييم أمور كهذه، لا نستطيع معرفة طبيعة كل لاعب، أنا أقول عادة أن هناك لاعبين كباراً في أندية صغيرة وعندما ينتقلون إلي أندية كبيرة يصبحون لاعبين صغاراً، هذا ما حصل ولهذا كان علي اللاعبين المجهدين أن يشاركوا باستمرار.

> هل كان لعدم تجديد عقدك أثر في علاقتك بالمسئولين؟

مر عام علي الأمر ولم أكن في حاجة للتوقيع لأنني أعطيتهم كلمة.

> هل شعرت بالتعب لأنك قضيت فترة طويلة مع النادي؟

خروجي من النادي بدأ مع كأس أندية العالم في اليابان، منذ أربعة أعوام عندما كنا هناك للمرة الأولي، كان اللاعبون تحت ضغط كبير، كان الوضع صعباً جداً، كان علينا أن نفوز ونصبح أبطال العالم، لكن ليس بإمكاننا أن ننسي أن الأهلي في تلك الفترة خاض أكثر من خمسين مباراة متتالية من دون أن يخسر، لقد اعتادوا الفوز..

هذه حقيقة، خضنا 54 مباراة من دون خسارة، كانت هناك 74 مباراة في الدوري المصري لم نخسر واحدة منها و21 مباراة من دون خسارة في دوري أبطال أفريقيا، وهذا رقم قياسي في أفريقيا.

> كنت تتحدث عن اليابان؟

نعم.. في السنة الأولي لم نتمكن من الفوز بمباراة واحدة لأننا كنا تحت ضغط كبير، في العام التالي استطعت ضبط العواطف وانتهينا بالمركز الثالث وهذا مركز مشرف، الميدالية البرونزية، كان هذا رائعاً، تم استقبالنا كالأبطال، في هذا الموسم لم أتمكن من السيطرة علي الأمور، أما في العام الماضي كان الاحتمال أكبر في وصولنا إلي النهائي، باتشوكا لم يكن ذاك الفريق المخيف تقدمنا 2 ــ 0 في الشوط الأول وخسرنا في الوقت الإضافي، و«كيتو» الإكوادوري أيضاً لم يكن فريقاً صعباً وقد اتضح هذا بعد انتهاء المنافسات.. واتضح أنه كانت لدينا كل الفرص للوصول إلي النهائي، إن الضغط النفسي دمر الفريق كلياً، اللاعبون تغيروا لم يعودوا يسمعوا ولا يتعلموا بل يعيشوا الأوهام التي يبنونها هم أنفسهم.

> هل فقدت المنافسات سحرها بالنسبة لهم؟

لا أبداً.. أنا أعرف اللاعبين.. كان الضغط فعلاً كبيراً، لم يكن الفريق علي وعي بقدراته الفعلية، لو كنا لعبنا بهدوء لسارت الأمور بشكل مختلف، لقد كانوا يتمتعون بخبرة سنوات عديدة، في مصر كل الأمور تتبع العاطفة وهذا يضعهم تحت ضغوط كبيرة إضافية يقاومها أقلية منهم، البقية لا يتحملون الضغط، اللاعبون ليسوا أقوياء نفسياً، في مصر ينمو اللاعبون كالأعشاب، من دون توجيه فعلي أو تشكيل، إنها ناحية ضعيفة، إنها أصيلة، لكن بعيدة عن المهنية، ليس لديهم معلمون، بل مدربون فقط، إن لدي الأهلي مركزاً للتدريب أفضل من أندية بنفيكا وإف سي بورتو أو سبورتنج، كل مرة كان الضيوف يندهشون من الإمكانات المتاحة ومن البنية التحتية، كل شيء مهيأ، ليس لتكوين اللاعب وإنما لجعله يفوز بالمباراة، هذا الشيء الوحيد الذي لم أتمكن من تغييره في النادي: «العقلية، وطريقة التفكير لتتلاءم مع البنية التحتية الرائعة الموجودة»، من الصعب تكوين أو تهيئة اللاعب بعد بلوغ سن معينة إن لم يتم هذا، لن يتمكن اللاعب من الصمود معنوياً أمام تلك الضغوط، في كل مباراة نهائية كانت لدينا مشكلة كبيرة في تهدئة اللاعبين وبث الروح المعنوية العالية فيهم وإقناعهم بأن الثقة بالنفس هي الأهم ومن دونها ليس هناك نجاح، كل شئ ممكن مع المثابرة وكل مباراة نهائية تمثل خطوة مهمة جداً في حياتنا المهنية، من المهم أن نتعلم من أخطائنا وهو التعليم الأغلي ثمناً، في الواقع هم لا يتعلمون، لاحظ أنني شاركت هذا الفريق في 18 مباراة نهائياً فزنا 16 مرة وفي كل مرة كان التوتر والضغط والخوف مرافقاً دائماً، لم أنجح في إيجاد طريقة لتهدئتهم أو طمأنتهم أو رفع معنوياتهم لنزع ذلك الخوف.

> كيف؟

أحياناً كنا نخسر قبل بداية المباراة، كان الأدرينالين يتحكم في الوضع النفسي، ولأن كل شئ يأتي من الدماغ فقد كان هذا يؤثر في لعبهم، كل مباراة نهائية كانت تحتاج إلي جهد شاق، وهنا بدأت أفقد الحماسة، تسرب إلي نفسي شعور بأن الوضع سيبقي دائماً هكذا وأصيبت بخيبة الأمل بأداء الفريق، وبسبب الضغوط التي يقع تحتها، الشئ الأسوأ الذي يمكن أن تفعله بلاعب مصري هو أن تضع المسئولية علي كتفيه فهو لا يتحمل، ولا ينجح، ولن ينجح.

> هل كان اللاعبون حساسين أمام انتقاداتك بشأن متوسط عمر الفريق؟

هذا لم يكن انتقاداً بل واقعاً، كانوا دائماً إلي جانبي، الدليل علي هذا أننا تمكنا من الفوز ببطولة الدوري المصري بعد مباراة النهائي الرائعة أمام الإسماعيلي، العلاقة الممتازة مع اللاعبين هي التي قادتنا إلي الفوز في ذلك اليوم.

> هل كان لاعبو الأهلي يعلمون أنك ستتركهم؟

علم اللاعبون بالأمر قبل المباراة الأخيرة، كنت أود أن أبقيه سراً، طلبت هذا من منتخب أنجولا وكانوا أوفياء بالوعد بأن يتم الإعلان في 13 مايو عن اتفاقهم معي، أي بعد مرور يومين علي مباراة الأهلي لكي لا يؤثر الخبر سلبياً في أداء اللاعبين، وحصرت علي إخطار رئيس النادي «حسن حمدي» بنفسي لأنني أكن له قدراً كبيراً من التقدير والاحترام، كنت أفضل أن أقولها له وجهاً لوجه، كنت أخبرته قبل ذلك بأسبوعين أنني لن أستمر وأن لدي عرضاً جيداً من المنتخب الأنجولي، وأننا إذا توصلنا إلي اتفاق فسيكون كل شئ علي ما يرام وإن لم يحدث فسأحصل علي أجازة لفترة 5 أو 6 أشهر، في الواقع لم يتصورا أو يصدقوا أنني سأرحل فعلاً، ولم أكن أريد أن يعلم الرئيس بهذا الخبر عن طريق وسائل الإعلام، خاصة أنه كان في لندن خمسة أيام لوضع الخطوط الأخيرة علي مشاركة الأهلي في دورة ويمبلي الودية، لم يكن بوسعي رؤيته قبل مجيئه قبيل المباراة، حيث تمكنت من إبلاغه بقراري.

> كيف كان رد فعله؟

لم يتلق الخبر بترحاب بل لم يعجبه، وكان مستاءً نوعاً ما، قلت له أيضاً إن الاتحاد الأنجولي لكرة القدم سيعلن الخبر في 13 مايو، فجأة طلب مني عقد اجتماع مع اللاعبين في اليوم نفسه لكي لا يصل الخبر إلي مسامعهم عن طريق وسائل الإعلام، أما أنا فطلبت منه أن يكون حذراً لأن أمامنا مباراة نهائية مع الإسماعيلي بعد يومين، كان رده: لا، يجب علينا إخبارهم وهكذا فعلت، في الواقع كان هذا سبباً في إيجاد جو صعب للغاية، لكن كان الأنسب لجعلهم مستعدين لخروجي، قلت لهم إن كل ما حققناه معاً وفزنا به لا يمكن أن يتم نسيانه بهذه البساطة أو تجاهله، وطلبت منهم أن يبذلوا كل ما في وسعهم في المباراة الأخيرة كي أخرج من مصر مرفوع الرأس، متوجاً بالدوري للمرة الخامسة علي التوالي، فزنا بالمباراة وأصبحنا أبطالاً، هذا كان جوابهم.

> هل كانت هناك كلمات ما أثارت في نفسك لحظة الوداع؟

كنا نلعب كل أربعة أيام وكانت الأمور أكثر هدوءاً، الكلمة التي كنت أسمعها بعد إعلاني عن نيتي ترك النادي هي «لماذا»؟ كنت أجيب بالطريقة التي أقدر عليها، إن اعتراضات اللاعبين ومن جانب المشجعين ستبقي في ذاكرتي ما حييت، إنها صداقة مهنية حميمة، أعطت النادي أفضل سنواته الــ 102، عمر النادي 102 عام، ولديه 104 ألقاب، إنه أمر رائع.

> هل تركت الأهلي في الوضع الذي كنت تتخيله؟

لا، لأننا خسرنا في أنجولا، ولم يكن الأمر مفاجأة، لأنني قلت إن هناك احتمالات لأن يحدث ذلك، لعبنا بثلث أفراد الفريق وكنا نعاني قوة المباريات التي أثمرت فوزنا بالدوري المصري، بل إننا لم نكن نستحق حتي التعادل الذي أوصلنا إلي ركلات الترجيح، كان من المفروض أن نخسر، كنت أود أن يكون النادي حاضراً في كأس الاتحاد الأفريقي ولكن يبدو أن خروجه لم يزعج أحداً بدرجة كبيرة، سيكون لدي اللاعبين وقت أكبر للحصول علي الأجازات.

> لكن الصحافة المصرية تتهمك بتدمير الأهلي، أتعلم هذا؟

الصحافة تتهمني دائماً، علي مدي كل هذه السنوات.. لم أتحدث إلي الصحافة منذ 3 سنوات، كنت أتحدث دائماً للقناة ولمجلة النادي، كنت دائماً المدرب، في اللقاء الصحفي الأخير الذي أجريته قلت إنهم لن يفوزوا علي أبداً، فزت عليهم 19 ــ صفر كانوا يتكلمون عني بشكل سيئ طول الوقت، كل يوم يكتبون عني أموراً سيئة، لكنني كنت أفوز دائماً، إن معظم الصحفيين المصريين علي أقل تعبير، أولاً: لا يفقهون شيئاً في كرة القدم، وثانياً، هم سيئون كصحفيين.. أنا أعرف أن هذا اللقاء وهذه الكلمات ستصل إلي مسامعهم، لكنني لا أكترث لأنني أقول الحقيقة، بالإضافة إلي أنهم سيئون كأشخاص أيضاً، هم حتي أسوأ كأشخاص منهم كصحفيين، ولهذا أنا ببساطة لا أحترمهم.

> هل تري دافعاً ما خلف تلك التصرفات التي تحدثت عنها؟

ببساطة لأنني كنت دائماً إنساناً مستقلاً، بالإضافة إلي دافع آخر هو انتماء كثير منهم للمنافس الزمالك، وأري لو أن هؤلاء كانوا يحاسبون أو يتحولون للمحاكمة بسبب ما يكتبونه لما فعلوا ذلك ثانية، هناك من يعتبر نفسه مسئولاً عما يكتبه، لا يوجد شئ اسمه مسئولية، وهم لا يعرفون حتي معني كلمة المسئولية، يختلقون القصص ويضعونها بالشكل المناسب لهم بأكبر وقاحة موجودة علي وجه الأرض.. هذا دليل علي عدم احترام الآخرين، لم أرضخ أبداً وعندما كان الأمر يتطلب أن أشتمهم كنت أقوم بذلك دون تحفظ أو خوف، لكن رغم هذا كله هناك صحفيون وربما 20%، جديرون بالاحترام وتربطني بهم علاقات جيدة رغم ذلك لم أجر لقاءات صحفية معهم بسبب الآخرين.

> لكنك عندما خسرت المباراة النهائية لدوري أبطال أفريقيا أمام النجم الساحلي التونسي لم تنتقدك الصحافة بل علي العكس دافعت عنك، ألا تواقفني الرأي؟

عندما خسرنا كانت هناك أخطاء واضحة من الحكام وهو ما تسبب في حالة استنفار واستنكار في القاهرة، وقد حول الصحفيون غضبهم ضد الحكام وتركوني بسلام، عادة كانوا يهاجمونني حتي عندما نفوز وكنت الأسوأ بالنسبة لهم، قبل أن نحصل علي لقب الدوري المصري كتبوا أن الأهلي لم يفز بشئ هذا الموسم، علي الرغم من كل ما أنجزناه لقد فزنا بأربع من أصل خمس بطولات لدوري أبطال أفريقيا، لقد أوصلوا الناس إلي أنهم في السنتين الأخريين لا يصدقون أي شئ تكتبه الصحافة عني.

> هل تعتبر خسارة المباراة النهائية أمام النادي التونسي أكثر شئ يعكر صفو ذكرياتك مع الأهلي؟

ما يعكر الصفو هي الطريقة التي خسرنا بها، لم نخسر لأن النجم كان أفضل منا، في الموسم الذي تلاه خرجوا من المنافسات علي يد فريق من زيمبابوي، أما نحن ففزنا باللقب مرة ثانية.

> لماذا لم توافق علي تدريب المنتخب المصري؟

لم يعرض علي الأمر أصلاً.

> ألم تقل لي مرة في لقاء صحفي ملمحاً إلي إمكانية تدريب الأهلي والمنتخب؟

كانت هناك عدة مكالمات هاتفية ورددت عليهم بأن عليهم مراجعة إدارة الأهلي وأن الأمر يعتمد علي ما تقرره إدارة الأهلي فإن قالوا لا.. سينتهي الأمر وإن قالوا نعم نتحدث، هذا كان محتوي الحديث، لم يحدث شيء وكان الأمر جساً للنبض.

> ألم تكن لك أبداً علاقة جيدة مع الاتحاد المصري لكرة القدم؟

لا أبداً، لم تكن لي علاقة علي الإطلاق بمدرب المنتخب المصري، وأول شيء سأقوم به عندما أعود إلي أنجولا هو التحدث إلي مدربي الأندية المرتبطة بالمنتخب، يجب علينا ألا ننسي أنهم يعرفون اللاعبين أكثر مما يعرفهم مدرب المنتخب، هنا تكمن أهمية الأمر، مدرب المنتخب المصري لم يتحدث إلي أبداً، إلي أن قام بزيارتي مرة لأنه سمع من وسائل الإعلام وقرأ في الصحف أنني غاضب، لم يهنئني بأي نجاح أبداً وأنا كذلك لم أهنئه، كان دائماً يأخذ اللاعب الذي يحلو له، أما أنا فلم تكن لي علاقة به علي الإطلاق، علاقتي مع الاتحاد لم تكن علاقة صداقة بل علاقة احترام وتقدير، لم أشعر أبداً ولو بقدر ضئيل بالعداء من قبل أي شخص من إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم.

> ما تقييمك لحسن شحاتة كمدرب؟

ليس دوري الحكم علي أحد، لا أستطيع أن أحكم علي شخص فاز بقلب الأمم الأفريقية مرتين..

> ما أكبر الصعوبات التي واجهتك في مصر؟

لا توجد صعوبات، في البرتغال يقولون في بلد العميان يعتبر الأعور نفسه ملكاً، فزت بكل شيء، لكن بصعوبة كبيرة، كل يوم كانت لدينا مشكلات، عادات سيئة وعقلية غريبة..

> كيف؟

> من ناحية الالتزام، عندما لا يلعبون تظهرالمشكلات، كل يوم.

> وهل لهذا علاقة بالشكل الذي توضع به العقود؟

نعمد، إنها عقود لا يمكن أن تراها في أوروبا، كنت أظن أنها تنطوي علي خداع لكن لا، هم كانوا علي حق وأنا علي خطأ، كانوا يدفعون المبلغ مقسماً علي 12 شهراً، لكن كل لاعب كان يود الحصول علي كل مستحقاته.

> من الأكثر إثارة للمشكلات من بين اللاعبين الذين عملت معهم؟

لم تكن هناك حالات بدرجة كبيرة من المشاغبة، من كان يأتي بالمشكلات كنت أرسله إلي المكان الذي أتي منه، الشيء الأهم بالنسبة لي كان دائماً الفريق، كانت هناك مشكلات مع البعض، استغنيت عنهم علي الرغم من أنهم كانوا أناساً جيدين في أعماقهم، هذا جزء من الثقافة، من الواضح أنها سياسة البقاء التي تجعل الناس أنانيين ويفكرون في أنفسهم فقط.

> كيف؟

كانت الكرة في مصر مصنوعة من الأنانية ولا تزال، كان سر نجاحي هو تحويل الكرة الفردية إلي جماعية، والأفراد إلي فريق، استطعت تعليم اللاعبين التفكير في المجموعة، هذا كان سرنا، أنا أذكر ذات مرة، عندما كنت أكون الفريق، منذ خمسة أعوام ونصف العام كان الجميع يقولون: لا توجد لدي «مانويل جوزيه» أية فكرة أو خطة بسبب كثرة النجوم في الفريق، كان اللاعبون يوقعون العقد وفي اليوم التالي أشرح لهم كيف تسير الأمور، كنت أقول لهم لا تظنون أنفسكم أهم من الفريق، ولا أنا أهم من الفريق، لكن دعونا نصنع تركيبة يكون نورها ساطعاً أكثر، وهكذا كان الجميع يلعبون من أجل الفريق، ومن يرغب في اللعب الانفرادي يجب أن يلعب الجولف.. هذه النظرية هي التي حفزتهم للعب الجماعي، إن اللعب الانفرادي يسبب صدامات مستمرة لأن علي اللاعب أن يلعب إن أراد الفوز، وفي كثير من الأحيان تعتمد عليهم العائلة وأنا أقصد العائلة فعلاً، الأب، الأم، الأخوة، لكن اللاعب الذي كان سيئاً فعلاً بطبعه لم أكن أتساهل معه أبداً..

> من الأسوأ؟

«عصام الحضري» كان أسوأهم وكنت أعاقبه دائماً، كان سيئ الطبع مخادعاً ولا يعرف معني الوفاء وأنانياً بشكل لا يوصف، هو قادر علي خيانة عائلته والناس كلهم مقابل المال، لقد خان النادي الذي لعب له 12 عاماً، خانني، خان الأصدقاء والفريق، اتصل بكل من استطاع كي يقنعوني بالموافقة علي عودته إلي الفريق، لم يكن أحد في الفريق يحبه وعندما هرب فزنا علي المحلة 1 ــ 0 في الوقت الضائع بهدف أحرزه «فلافيو» وعاد اللاعبون إلي النادي وكأننا فزنا بدوري الأبطال، احتفل الجميع، اكتشفت أنهم لا يحبونه، وعندما انتهت المباراة حملوا الحارس «أمير عبدالحميد» علي أكتافهم، كان هذا ردهم: «بإمكانك الذهاب، نحن لا نرغب في وجودك»، لقد حاول «الحضري» العودة وألف الكثير من الحكايات. ذات يوم قلت له أمام الجهاز الفني إنه غير محبوب من زملائه وإنه الأفضل كحارس مرمي، لكنه ليس إنساناً جيداً.

> ومن كان الأفضل كإنسان؟

«أبوتريكة»، لاعب كبير وأكبر منه كإنسان، هو و«بركات» و«جمعة» و«خالد بيبو» لقد ترك «بيبو» الفريق قبل 8 أعوام، عندما كنت أدرب الأهلي للمرة الأولي سجل «بيبو» 4 أهداف في المباراة التي فزنا فيها 6 ــ 1 علي الزمالك، لقد كان لاعباً وإنساناً رائعاً، «بركات» كان لاعباً ذا طبع مميز ولاعباً كبيراً، أما «وائل جمعة» فيتمتع بشخصية قوية جداً.

وهو لا عب كبير أيضا وعلي قدر كبير من الإنسانية لكن أفضلهم كإنسان أبوتريكة.

> أنت صاحب فكرة التعاقد مع حسين ياسر.. لماذا لم تعتمد عليه؟

> كنا نحتاج إلي لاعب موهوب يلعب خلف المهاجمين لأن أبوتريكة شارف علي الثلاثين وعلي عاتقه تقع أمور كثيرة خلال الـ 90 دقيقة وليس من السهل أن تلعب فترة طويلة هكذا عندما تصل إلي الثلاثين، تقل سرعتك، سرعة رد فعلك وتخسر بعض قدراتك الفنية، من رؤيتك المثالية لما يحدث في الملعب وعلي مدي الأعوام تكون استهلكت ولهذا كنا نبحث عن بديل لأبوتريكة، بالنسبة لي يتمتع حسين ياسر بإمكانات كبيرة، موهوب لكن مستواه متفاوت، ويبدو هشاً كان يلعب 10 أو 15 دقيقة ثم يختفي نهائياً وكأنه غير موجود، وبعد ذلك أصيب وغاب فترة ثم أصيب في كتفه، في الواقع لم يكن لاعباً مفيداً.. كان مخيباً للآمال اكتشفت أنه عقلية مختلفة، ظننته غير ذلك لأنه كان قادماً من أوروبا، وكان واحداً من التعاقدات التي لم تنفع شيئاً، في كل المواقف التي شارك بها بما فيها مباريات كأس العالم للأندية، دخل الملعب مرعوباً كان يفعل القليل أو لا شيء علي الإطلاق انتظرت منه أكثر من ذلك، وأظن أنه أيضا توقع مني أكثر، وإن أردت رأيي فهو لم يكن موهوباً، ولم يكن هناك شيء يبرر أن يبقي كلاعب ثابت في الفريق.

> ألا يبدو حكمك قاسياً عليه؟

لقد لعب في إنجلترا ولم يفلح، وفي بلجيكا ولم يفلح، وفي سبورتنج براجا ولم يفلح، وفي الأهلي ولم يفلح، حان الوقت كي يفلح، لكن هذا لن يحدث لقد مرت سنوات كثيرة متتالية لم يتعلم فيها من الحياة ويضع اللوم دائماً علي غيره، لقد آن الأوان لكي يقوم بفعل شيء، فقد فشل في كل طريق سار فيه.

> بعد السنوات الطويلة التي قضيتها في القاهرة.. هل تعرف مصر جيداً؟

أعرف المصريين جيداً، لكن لم تتح لي الفرصة لرؤية كل شيء، لم أزر أبداً الأقصر، ولم أشاهد وادي الملوك، مكثت أربعة أيام في الغردقة ومثلها في شرم الشيخ لم يكن هذا وقتاً كافياً، بل لم أتعرف جيداً علي القاهرة، وأحببت أن أمضي وقتاً أطول في الإسكندرية لصيد السمك في مياه المتوسط، وأذهب إلي العلمين الجميلة، هناك صيادون وأنا أحب كثيراً العلاقات مع الصيادين والذهاب للصيد برفقتهم، أردت الذهاب إلي البحر الأحمر لصيد الأسماك الكبيرة والمتميزة، لدي أصدقاء كثيرون لديهم قوارب للصيد.. ولم أعش فعلاً كنت دائماً أعمل، ذهبت إلي المتحف المصري في القاهرة تسع أو عشر مرات، إنه رائع.

> هل ستعود ثانية إلي مصر؟

سأعود بالتأكيد عندما تسنح لي الفرصة، سأعود وأجتمع بالأصدقاء.

> في يوم قلت لي إنك قرأت 76 كتاباً عام 2004 كم كتاباً قرأت علي مدي السنوات؟

لا أعرف بالتحديد، أعرف أنها كانت أربع حقائب مليئة بالكتب، إنه إدمان، لقد مللت الكمبيوتر وسأرميه في النهر لأنه يحرمني متعة القراءة، لكنني كنت أقرأ بشكل أقل في الفترة الأخيرة بسبب اللعب كل أربعة أيام، هذا يجعل القدرة علي التركيز قليلة.

نقلاً عن مجلة سوبرأنطونينو ريبيرو> الشيء الأسوأ الذي يمكن أن تفعله بلاعب مصري أن تضع المسئولية علي كتفيه فهو لا يتحمل ولا ينجح ولن ينجح > لا أستطيع تقييم شخص فاز بلقب الأمم الأفريقية مرتين.. وليس دوري الحكم علي حسن شحاتة > عصام الحضري قادر علي خيانة عائلته مقابل المال ولم يكن أحد في الفريق يحبه > لم أواجه صعوبات في مصر.. ففي بلد العميان يعتبر الأعور نفسه ملكاً.. وأنا فزت بكل شيء!

اخبار ومواضيع ذات صلة:

1 comment
  1. نشوى كمال 25/09/2009 20:24 -

    انا احترم راى مانويل جوزية جدا و هو قال كل الكلام ده من قبل وهو فى مصر اما بالنسبة للكلام اللى قاله على الحضرى من حقة يقول اكثر من ذلك واحنا كشعب مصر او جمهور الاهلى نقول عليه اكثر من ذلك بكثير اعتقد ان مانويل لم يكذب عندما قال انه مستعد ان يبيع (اهله) من اجل المال بعد لعبة فى (الاسماعيلى)

أضف تعليقاً