تصرفات حماس مع مصر كالرجل الذي قام باخصاء نفسه نكاية بزوجته

قادة حماس في مصر

قادة حماس في مصر

تصرفات حماس مع مصر كالرجل الذي قام باخصاء نفسه نكاية بزوجته

مفاوضات ابتزاز حماس السياسي في القاهرة

مصريات
محمد الباز
هذه وثيقة مهمة، ليس لأنها تنشر لأول مرة، ولا لأنها تكشف العقلية التي تفكر بها حركة حماس، وهي عقلية متعنتة وجامدة ولا مكان لديها لحل القضية الفلسطينية، وكأنها (الحركة) ورجالها لا يريدون حلا لها، فعلى ما يبدو أنهم يربحون أكثر وقت الأزمات، ولذلك وقفوا بجهالة وجهامة وراء إفشال اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني.

بعد حرب غزة في 2009، تحركت الأجهزة لمصر، للتوفيق بين الفصائل الفلسطينية، ووصل مصر بالفعل 13 فصيلاً من بينهما فتح وحماس، وخرجت المحادثات التي استمرت أكثر من 7 شهور، بوثيقة من 25 صفحة عنوانها “اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني …القاهرة 2009″، وملحق من صفحتين عنوانه «ميثاق الشرف للمصالحة الوطنية الفلسطينية». وهي الوثيقة التي وجدتها ضمن وثائق أخرى لدى الباحث الإستراتيجي عبد الرحيم علي.

الغريب أن الفصائل الفلسطينية هي التي توصلت الى صيغة الوثيقة النهائية، كان الدور المصري مقصورا على الرعاية وتقريب وجهات النظر بين الفصائل، أو بالأدق بين حماس وبقية الفصائل، لكن ومع ذلك تتعمد حركة حماس أن تصف هذه الوثيقة بأنها “الورقة المصرية للمصالحة”، وكأنها تريد أن تسوق الأمر على أن المخابرات المصرية هي التي صنعت الوثيقة على عينها وتريد من الفلسطينيين أن يوقعوا عليها فقط، يحدث هذا رغم أن مصر لم تتدخل في كتابة حرف واحد في الوثيقة.

استمر الحوار بين الفصائل الفلسطينية 210 أيام، وخرجت الوثيقة في 6 نقاط محددة، كانت خمس منها محددة سلفا وهي: إعادة إصلاح وتنظيم منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات والأمن والمصالحة الوطنية واللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني، لكن حماس أصرت على إضافة نقطة سادسة وهي المعتقلون.

لم تكن مشكلة المعتقلين مدرجة على جدول الاتفاقية، لكن حماس وضعتها على مائدة المفاوضات، ووضعت الإفراج عن المعتقلين مقابلا للتوقيع على الاتفاقية، وهنا ظهرت الرعاية المصرية للمفاوضات، حتي توصل الجميع الى صيغة الإفراج عن 90% من المعتقلين من الطرفين فور توقيع الاتفاق على أن يتم ذلك من خلال لجنة مشتركة وبرعاية مصرية فور تنفيذ الاتفاق.

ميثاق شرف المصالحة كان واضحاً وعاكساً لبنود الاتفاقية، ففيه- طبقا للوثيقة- التأكيد على حرمة الاقتتال الداخلي والبعد عن الصدام المسلح مهما كانت الأسباب ومهما بلغت حدة الاختلافات، التأكيد أن الحوار يجب أن يظل الوسيلة الوحيدة للتخاطب وحل الخلافات التي تنشأ بينهم، وتحريم الاعتقال ووقف المطاردات والملاحقات على خلفية الانتماء السياسي، لا يجوز اعتقال أي فرد دون وجود أوامر قضائية أو إذن من النيابة، ومنع اللجوء للتعذيب في حالة الاعتقال وضرورة احترام حقوق المعتقل وعدم إهانته، تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه وتوفير جميع الوسائل القانونية، تحريم كل أشكال الاعتداء على الإرادة والممتلكات، رفع الغطاء التنظيمي والعائلي والعشائري عن كل فرد يتجاوز القانون والأعراف، احترام استقلالية القضاء وقراراته وعدم التدخل فيه وإبعاده عن أي تجاذبات سياسية وحزبية، ضرورة احترام القوانين المعمول بها والتأكيد أن الجميع متساوون أمام القانون، صون الحريات العامة والخاصة للأفراد والجماعات، التأكيد على حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، تأكيد منع أي شكل من أشكال التحريض الإعلامي والمجتمعي، التأكيد على الشراكة السياسية ومبدأ التداول السلمي للسلطة، حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتصدي للاحتلال والعدوان، الحفاظ على المقاومة وسلاحها في مواجهة المحتل وعدم الزج به في الصراعات العائلية والعشائرية والفصائلية، وضمان حق العمل للجميع على أساس الكفاءة والمهنية، ورفض سياسة الفصل والإقصاء الوظيفي وقطع الرواتب بسبب الانتماء السياسي.

بنود الميثاق تعكس حجم الأزمة التي كان يعيش فيه الفلسطينيين ليس بسبب الاحتلال هذه المرة، ولكن بسبب صراع الفصائل عليه، ولو فرضنا جدلا أن هذه البنود تم تطبيقها لتحول جزءا من حياة الفلسطينيين الى جنة، لأن العيش لن يطيب لهم إلا بأن يحصلوا على استقلالهم وهو أمر محال وبعيد المنال.

لقد تضمنت الوثيقة في بند الأمن على سبيل المثال ما يؤكد أن الفلسطينيين ذاقوا الأمرين من أبناء الفصائل الفلسطينية، وليس علينا إلا أن نتأمل فقط ما جاء في هذا البند من اتفاق، توصلت الوثيقة في شأن عمل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بصياغة القوانين الخاصة بالأجهزة الأمنية حسب المهام المنوطة بها وفقا للمصالح الوطنية الفلسطينية، وأن تكون مرجعية الأجهزة الأمنية طبقا لقانون الخدمة في قوي الأمن الفلسطينية وأن تكون تلك الأجهزة مهنية وغير فصائلية، وأن تخضع جميع الأجهزة الأمنية للمساءلة والمحاسبة أمام المجلس التشريعي، وأن يكون كل ما لدي الأجهزة الأمنية من ملعومات وأسرار خاضعاً لمفهوم وقواعد السرية المعمول بها في اللوائح والقوانين، وأي مخالفة لها توقع صاحبها تحت طائلة القانون، ثم أن يكون جميع المقيمين على أراضي السلطة من مواطنين وأجانب هم أصحاب حق في توفير الأمن والأمان دون اعتبار للجنس أو اللون أو الدين، وكذلك فأي معلومات أو تخابر أو إعطاء معلومات للعدو تمس الوطن والمواطن الفلسطيني والمقاومة تعتبر خيانة عظمي يعاقب عليها القانون، وألحت الوثيقة على إبعاد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات والخلافات السياسية بين القوي والفصائل وعدم التجريح والتخوين لهذه المؤسسة واعتبارها ضماناً لأمن واستقرار الوطن والمواطن.

ومن بين ما استقرت عليه الوثيقة أيضا أن يتم تشكيل لجنة أمنية عليا يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بها.. تتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي لمتابعة وتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني في الضفة والقطاع، ويكون من بين مهامها رسم السياسات الأمنية والإشراف على تنفيذها، وأن يتم بناء هيكلة الأمنية الفلسطينية بمساعدة مصرية وعربية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

مرة ثانية ما تضمنته الوثيقة يكشف الجحيم الذي كان يعيش فيه الفلسطينيون، وهو ما حدا بمصر أن تتدخل ليجلس الجميع على مائدة واحدة وليجتمعوا على كلمة سواء.

الوثيقة مهمة، لكن الأهم منها كواليس ما جري أثناء المفاوضات، وضعت الوثيقة بيني وبين الباحث عبدالرحيم على مؤسس ومدير المركز العربي للبحوث والدراسات، وهو مركز متخصص في دراسة الحركات الإسلامية، كان عبدالرحيم على متابعا لما جري، وقد كشف لي ما فعله رجال حماس حتي قضوا على اتفاقية الوفاق وقتلوها في مهدها.

فبعد أن انتهت حرب غزة -طبقا لعبدالرحيم علي- قررت مصر البدء في المفاوضات فورا، وبعد مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في 1 مارس 2009، واشتركت فيه 75 دولة جمعت نحو 5 مليارات دولار لإعمار غزة، فكان لابد من إجراء مصالحة بين الفصائل للوصول الى قيادة فلسطينية من خلال انتخابات شرعية، وذلك حتي تتولى القيادة الجديدة عملية الحصول على التبرعات وتبدأ في الإعمار فوراً.

أجرت مصر اتصالاتها مع الفصائل الفلسطينية، وحضر منهم 13 فصيلاً بالفعل، وكان منهم فتح وحماس، بدأ التوافد على مصر في 15 فبراير 2009، وبدأت جلسات التفاوض من 26 فبراير 2009، وانتهت في 20 سبتمبر 2009، أي ما يقارب السبعة شهور.

أثناء جلسات التصالح وفي شهر مارس تحديداً طلبت حماس لقاءات ثنائية بينهما وبين فتح باعتبارهما طرفي المشكلة، فبقية الفصائل الموجودة ليست إلا ديكوراً، لم تكن مصر موافقة على طلب حماس، لكنها ضغطت على كل الفصائل، وأقنعت محمود عباس والفصائل بإجراء حوار ثنائي استمر 5 جلسات كبري تخللتها رحلتان الى كل من غزة ودمشق.

في سبتمبر توصلت الفصائل الى اتفاق كامل بين الفصائل الثلاثة عشر، لكن بدا أن حماس لم تكن متعاونة، ولم يكن طلبها لتفاوض ثنائي مع فتح هو المشكلة الوحيدة التي افتعلتها، وهو ما يكشفه عبدالرحيم علي، حيث كانت هناك ست نقاط اعتصمت بها حماس وكأنها تضع العصا في العجلة لتوقفها تماماً، كانت هذه النقاط هي:

أولا: الاشتراك في لجنة تطوير منظمة التحرير الفلسطينية، هذا رغم أن حماس ليست عضوا بها، وضغطت مصر على فتح وأبومازن، وكادت المصالحة أن تنهار حتي أقنعتهم مصر جميعاً بوجود حماس عضواً أساسياً في تطوير المنظمة تمهيدا لدخولها عضواً في المنظمة بعد ذلك.

ثانيا: الانتخابات.. كان من المفروض أن ينتهي المجلس التشريعي الفلسطيني في يناير 2010، اتفقت الفصائل على إجراء انتخابات في 25 يناير، لكن حماس رفضت وكادت أن تنهار المصالحة مرة أخري، حيث أصرت على تأجيلها لمدة 6 أشهر، وضغطت مصر مرة ثانية فقبلت الفصائل أن تجري الانتخابات في 28 يونيه 2010.

ثالثا: شكل الانتخابات..اتفقت كل الفصائل على التمثيل النسبي الكامل كشكل لإجراء الانتخابات التشريعية، ورفضت حماس وأصرت على النظام المختلط، وضغطت مصر للمرة الثالثة لإقناع الفصائل الـ13 بإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بالتمثيل النسبي الكامل، مع إجراء الانتخابات التشريعية بالنظام المختلط.

رابعا: في بند الأمن طالبت حماس بإعادة بناء الأجهزة الوطنية في الضفة والقطاع تحت رعاية لجنة مشتركة من الطرفين برعاية مصرية وعربية، ورفضت فتح على أساس أن الجهاز الأمني في الضفة مستقر ولا يحتاج الى إعادة بناء، لكن مصر تدخلت كالعادة وأقنعت أبومازن ورجال الفصائل بالأمر، على أنه رؤية مصرية وليس رؤية حماس، وذلك حتي يمر الأمر دون معوقات.

خامسا: كان من المتفق أن يكون أعضاء اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني 16 عضوا، أصرت حماس وبقوة على أن تسمي هي 8 أعضاء من بينهم، ورغم أن الطلب كان متجاوزاً إلا أن مصر ضغطت أيضا وأقنعت الفصائل بما تريده حماس.

سادسا: وصلت الخلافات الى المعتقلين.. لم يكونوا بالأساس على أجندة المصالحة، لكن حماس أصرت، وتم التوصل الى اتفاق الإفراج عن 90% من المعتقلين بعد توقيع الاتفاقية مباشرة، أما الــ10% المتبقية والذين عليهم أحكام جنائية فتشكل لجنة تنهي ملفاتهم خلال فترة انتقالية، كما تم التوصل الى إضافة بند قي الوثيقة يقضي بمنع الاعتقالات السياسية مطلقا.

بعد أن انتهي المتفاوضون من صياغة الوثيقة تمت الدعوة للتوقيع عليها، جاء خالد مشعل الى مصر يوم 28 سبتمبر 2009، وأقيم له مؤتمر صحفي عالمي، وقابل الرئيس مبارك واجتمع مع السيد عمر سليمان، وبشر العالم من هنا من مصر بنهاية الانقسام الفلسطيني، وتم تحديد يوم 25 أكتوبر 2009 موعدا للتوقيع.

عاد خالد مشعل الى دمشق مرة أخري، بعد أن قضي في مصر يوما واحدا فقط، وفي 15 أكتوبر جاء موسي أبومرزوق نائب خالد مشعل من دمشق الى القاهرة، وكانت المفاجأة أنه طلب من رعاة المصالحة تأجيل التوقيع على الاتفاق لأنهم لا يستطيعون مصافحة أبو مازن.

كانت حجة حماس وقتها أن أبومازن لم يوافق على إدخال تقرير جولدستون (مبعوث الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات إسرائيل ضد غزة…وأثبت انتهاكات شديدة ضد إسرائيل) للمناقشة في مجلس الأمن، كانت وجهة نظر أبومازن أنه توصل الى معلومات من داخل مجلس الأمن بأنه لو أدخل التقرير فيمكن أن يحدث عليه فيتو أمريكي، وبذلك لا يستفيد شيئا من التقرير، فرأي تأجيل إدخال الملف الى مجلس الأمن حتي يحصل على رأي عام عالمي مؤيد له فيكون من الصعب أن يحدث عليه فيتو، لكن حماس لم تقدر ولم تثمن وجهة النظر هذه واتهمت أبومازن بأنه يعمل لصالح أمريكا وإسرائيل.

الراعي المصري للمصالحة توصل الى حل سريع، اقترح على مبعوث حماس أن يتم التوقيع على أن تتأجل المراسم التي يتم فيها التسليم والتسلم الى الوقت الذي تحدده حماس، وتكون نفسيا مستعدة لأن تصافح أبومازن، لكن حماس رفضت، رغم أن عزام الأحمد مبعوث أبو مازن كان قد حضر الى القاهرة في نفس اليوم 15 أكتوبر ووقع على الاتفاقية.

كان رد الفعل المصري عنيفا، وهو ما أبلغته لحماس حيث حددت 25 أكتوبر 2009 موعداً نهائياً للتوقيع على الوثيقة، وقالت لمبعوث حماس إنه إما أن تقبلوا الاتفاق وتوقعوا عليه أو نعلنه بدونكم ونقول للعالم كله إنكم رفضتم المصالحة.

بعد أقل من 48 ساعة أرسلت حماس لمصر خطابا تعتذر فيه عن التوقيع وعللت ذلك بوجود 3 ملاحظات على الاتفاق وبدأوا يروجون الى أن الاتفاق ليس إلا ورقة مصرية، وأرسلوا عدة ملاحظات لم يكن لها معني في الحقيقة إلا أن أهمها: طالبت حماس بأن تكون مهام للجنة المنظمة غير قابلة للتعطيل، وأن يتم تشكيل اللجنة التي تشرف على الانتخابات بناء على مشاورات وليس على توافق، وأن يتم الإفراج عن جميع المعتقلين قبل التوقيع لأنه الأحكام التي صدرت ضدهم سياسية، هذا رغم أن من بينهم قتلة ولصوصاً صدرت ضدهم أحكام جنائية، لكن حماس تعتبر أنه ما دامت المحكمة تابعة لفتح فإن كل الأحكام سياسية حتي لو كانت في قضايا جنائية.

حاولت مصر أن تستوعب مراوغة حماس، قالت يمكن مناقشة أي ملاحظات على وعد بحل أي خلاف ينتج أثناء التنفيذ، لكن حماس ردت وقالت لا، لابد أن يتم كل شيء قبل التنفيذ، لكن مصر لم تستجب لحماس لأنها رأت أن الإستجابة تفتح الباب أمام 12 فصيلاً لوضع ملاحظات أخري. حققت حماس ما أرادته إذن، فقد عادت بالقضية كلها الى المربع رقم صفر، فأوقفت مصر التعامل معها وأنهت الموقف تماما، كان لابد أن ترد حماس فأوقفت صفقة الأسير الإسرائيلي شاليط وأدخلت الألمان لإنهاء الصفقة متجاوزة ما قامت به مصر فيها، فقد اعترف الوسيط الألماني بأن مصر أنجزت 90% من الصفقة.

لقد تصرفت حماس مع مصر على طريقة الرجل الذي أراد أن يغيظ زوجته فقام بإخصاء نفسه، فهي التي خسرت، وأعتقد أن تفاصيل هذه الوثيقة وما دار حولها يمكن أن يكون ردا عمليا على ما تقوم به مصر وما يقوم به الآخرون

اخبار ومواضيع ذات صلة:

2 comments
  1. مسعود 06/01/2011 22:05 -

    هذه الخصا لا یدوم بما ان مصر هی اعمق ا لستراجی لحماس لا یمکن ان یوطول هذه الوضع

  2. بطلو نفاق 08/07/2010 14:45 -

    بطلو نفاق بقى سيبو المقاومة فى حالها

أضف تعليقاً