ظهورات العذراء رسالة الارض للسماء

صور ظهور العذراء

صور ظهور العذراء

مصريات

جلاء جاب الله

تجليات و ظهورات السيدة العذراء مريم البتول التي شدت المصريين مسلمين ومسيحيين.. وتباينت ردود الفعل حولها ما بين مؤيد ومؤمن وموقن.. وبين رافض ومنكر ومشكك.. هذه التجليات ليست رسالة من السماء بقدر ما هي رسالة من الأرض الى السماء.. إنها رسالة قلوب ونفوس وأرواح تحلم وتأمل وتتمنى  وتدعو.

وظاهرة ظهور العذراء والتجليات- بغض النظر عن مفهومها الديني أو العلمي أو المجتمعي- ليست جديدة سواء على مصر أو العالم ككل ففي مصر سبق أن ظهرت تجليات للسيدة العذراء عام 1968 كما شهدت عدة كنائس تجليات وظهورات للسيدة العذراء في أنحاء عديدة بمصر.. وظهرت تجليات للسيدة البتول في أنحاء متفرقة من العالم.. منها بلجيكا والبرتغال وإيطاليا ولعل أشهرها في أوروبا تجليات العذراء في إسبانيا مع بداية الستينيات.. وفي أفريقيا شهدت ظهور العذراء في عدة دول خاصة رواندا وفي آسيا باليابان وفي الدول العربية التي شهدت مثل هذه التجليات سوريا ولبنان.. لكن مصر بالذات شهدت أكبر عدد من هذه التجليات أشهرها في كنيسة الزيتون عام 1968 ثم شهدتها نفس الكنيسة مرة أخرى عام 1970 وفي شبرا عام 1986 وفي أسيوط عام 2000 وأخيرا تجلي و ظهورالعذراء في كنيسة بالوراق و .. وتردد القول عن ظهور العذراء في الزيتون وايضا ظهور العذراء في مصر القديمة.

و ظهورات العذراء وهذه التجليات لها تفسير ديني لدى الكنيسة الأرثوذكسية وأكدها رجال الدين المسيحي في الكنيسة المرقسية لإيمانهم بـ ظهور العذراء وتجليها على عكس الكنيسة الإنجيلية التي ترفض عقيدتها وجود هذه التجليات وترفض شفاعة مريم عليها السلام وشفاعة القديسين.. لذلك لا نجد في كنائس الطائفة الإنجيلية كنائس باسم القديسين كما يحدث لدى الأرثوذكس.

ومن يتابع ظاهرة ظهور العذراء والتجليات في الفكر المسيحي لدى الأرثوذكس وهم الغالبية العظمي من المصريين المسيحيين يجد أنها تتفق في بعض روحانياتها وطقوسها مع المتصوفة المصريين المسلمين.. وهم الذين يؤمنون أو يعتقدون في تجليات للسيدة زينب رضي الله عنها وتجليات لسيدنا الخضر عليه السلام وتجليات لبعض آل البيت في مصر مثل السيدة نفيسة وسيدنا الحسين والسيدة سكينة رضي الله عنهم أجمعين.. بل إن بعضهم يري أن هناك تجليات بالاضافة الىظهورات لبعض الأولياء الصالحين الذين يعود نسبهم الى أهل البيت مثل إبراهيم الدسوقي وعبدالرحيم القنائي..!!

ولدى المسلمين الشيعة إيمان راسخ بتجليات للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.. وليس من قبيل المصادفة أن تكون تجليات العذراء في مصر مرادفاً زمنياً مع تجليات للزهراء في العراق.. وليس من قبيل المصادفة أن يكون هناك توافق فكري ديني بين مكانة السيدة مريم العذراء عليها السلام لدى المسيحيين الأرثوذكس باعتبارها أم المسيح عليه السلام.. ومكانة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها لدى الشيعة باعتبارها أم الشهيد الإمام الحسين بن على رضي الله عنهما.

وكما يقول الإسلام إن أولياء الله أحياء عند ربهم يرزقون.. فإن الشهداء في المسيحية أحياء عند الله ويتجلون أحياناً..!!
التجليات في حد ذاتها ليست محل إنكار أو تأييد فكل من لديه عقيدة أو إيمان بشيء ليس من المقبول الآن أن نفند معتقداته أو نحللها وكل عقيدة لها قدرها واحترامها حتى لو لم نؤمن بها فالإيمان بالله وحده سبحانه وتعالي هو العقيدة الأسمي لكل رسالات السماء.. والعقيدة ليست محلاً للنقاش لكن النقاش هنا عن مظهر ديني غيبي اسمه التجليات سواء كانت في المفهوم الديني المسيحي أو الاسلامي.. وإذا كانت التجليات ظاهرة دينية فإنها عندما ترتبط بالناس ومعتقداتها.. وعندما نجد المسلمين قبل المسيحيين يؤمنون أو يؤكدون مشاهدة التجليات للسيدة العذراء.. وعندما نجد مسيحيين مع مسلمين في قناعتهم بتجليات وبركات السيدة زينب رضي الله عنها أو السيدة نفيسة.. وكذلك تجليات الزهراء رضي الله عنها في العراق والتي يؤمن ببركتها شيعة العراق ومسيحيو العراق مع أهل السنة هناك فإن هذه الظاهرة لها بعد اجتماعي أعمق ومعها رؤية اجتماعية تؤكد أن هذه الظاهرة ليست مجرد رسالة دينية بل رسالة من أهل الأرض الى رب السماء تعلقاً وأملاً في أن تتدخل إرادته لحل مشاكلهم خاصة الاجتماعية والصحية والاقتصادية والنفسية والروحية ولكن من خلال غطاء ديني..!!

وبرغم أن أهل السنة لا يؤمنون بهذه التجليات ويرفضون مثل هذه الشفاعات والعطاءات البشرية حتى لو كانت من خلال أهل البيت أو القديسين أو غيرهم.. لأنهم يؤمنون بأن الله وحده هو القادر بلا شفاعة وبلا وسيط.. “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم”.. إلا أن عدم التزام البعض بآداب ومقومات الدعاء تجعلهم يلجأون الى الطريق السهل وهو الإيمان الغيبي بالتجليات والبركات وخوارق أولياء الله الصالحين.

وكما قلت فإنني لا أناقش هنا القضية من مفهوم ديني أو مدي مطابقته للشرع أو العقيدة الصحيحة للمسلم أو المسيحي.. ولا أناقش الظاهرة كظاهرة علمية حيث يرفض أهل العلم منطق التجليات ومسألة ظهور العذراء ويفسرونها تفسيرا علمياً منذ فترة طويلة.. لأن من يقول إن هذه أشعة ليزر أو بعض الأشعات الحديثة أو أسلوب ضوئي يشبه الخدع السينمائية سيكون الرد أبسط بكثير وهو أن ظهور العذراء وهذه التجليات ظهرت منذ فترات طويلة قبل اختراع الليزر والخدع السينمائية الحديثة.. إذن ما هو التفسير العلمي؟

في الستينيات شرح الدكتور محمد جمال الدين الفندي ظهور العذراء علمياً وأسس فكرته العلمية على رؤية العالم البريطاني في الكهربائية الجوية “ولسون” الذي قال إن التفريغ الكهربائي البطيء للأجسام المدببة يلعب دوراً هاماً في التبادل الكهربائي بين الجو والأرض خصوصاً عن طريق الأشجار وقمم المنازل أي أنها تحدث في الهواء الطلق أعلى المباني والأشجار وليست داخل المباني وهو عين ما شوهد من تجليات سواء للعذراء أو الزهراء في العراق.. ويقول العلم إن هذه الظاهرة ترتبط بالجو وتقلباته وعندما يخيم الظلام بسبب ضعف ضوء الوهج بالنسبة الى ضوء الشمس الساطع.. ويقول أهل العلم إن التجليات تظهر ليلاً وليست نهاراً.. فلماذا؟ وأنها تحدث خارج الكنائس والمساجد فلماذا لا تحدث في الداخل؟

والمسيحيون الذين يؤمنون بالتجليات يقولون إنها تحدث في “الشهر المريمي” نسبة الى السيدة مريم العذراء والذي تقام فيه الصلوات وتتلي الترانيم والتسابيح داخل الكنائس للعذراء بمناسبة إنجابها للمسيح عليه السلام في هذا الشهر وهو شهر “كيهك” طبقاً للتقويم القبطي وهو نفسه شهر ديسمبر في التقويم الميلادي فاليوم مثلا الخميس هو 31 ديسمبر ويوافق 22 كيهك وعادة يأتي شهر كيهك مع ديسمبر ويناير.. وهو ما يؤكد أيضا التفسير العلمي الذي يقول إن هذه الظواهر الطبيعية تحدث في ليالي موسم التقلبات الجوية.. وهذه الأيام من كل عام تشهد أبرز تلك التجليات.. طبقاً للمفهوم الديني.. أو للظواهر الطبيعية طبقاً للمفهوم العلمي..!!

هذه المقدمة الطويلة كانت ضرورية لندخل في صلب الموضوع وهو أن ظهورات العذراء رسالة من الأرض وأهل الأرض للسماء أي لرب السماء سبحانه وتعالي فالمسلمون والمسيحيون البسطاء اتحدوا في رؤيتهم للتجليات لأنهم مازالوا يؤمنون بالغيبيات ويحلمون بالحل الغيبي أكثر من الحل العلمي.. المصريون مازالوا في القرن الواحد والعشرين ينتظرون حلاً من حلول المعجزات والتجليات والبركات لأنهم لم يمتلكوا بعد المنهج العلمي لحلول مشاكلهم ولأننا مازلنا حتى الآن “نغرق في شبر مية من الأزمات”.. لم نملك بعد إمكانية إدارة أزمة لنخرج منها فائزين منتصرين عليها.. مازالت وسائلنا بدائية.. مازلنا ندعو الله في الكنائس والمساجد أسبوعيا.. وأحياناً في المناسبات ونخشع في دعائنا وبعضنا يدعو مخلصاً صادقاً مبتهلاً أن تهزم إسرائيل وأن نتخلص من هذا العدو القابع في أرضنا المحتلة كعرب.. ومع ذلك فالعدو مستمر بل ويتوسع.. ويزيد من مستوطناته الاستعمارية.. ومنذ احتلال أمريكا للعراق ولأفغانستان وسيطرة الروس على الشيشان والمسلمون يبتهلون ويدعون الله أن يخلصهم من الاستعمار ويهزم الأعداء.. برغم أن العرب والمسلمين لم ينجحوا مرة في اتحاد حقيقي ولو في أي مجال ليس عسكرياً حتى أو سياسياً.. بل اقتصادياً أو ثقافياً.. وإنما نحن مختلفون وبرغم أن الله يأمرنا بالاتحاد والوحدة.. ولكننا نعصيه ثم ندعوه بالنصر!!

مازال بعضنا- بل معظمنا- يدعو الله بالغني والانتصار على الفقر.. لكنه لا يتحرك ولا يسعي في الأرض بحثاً عن لقمة عيشه متناسياً أو متجاهلاً أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ولا تمطر وظائف للعاطلين.. لا يريد أحد أن يتعب أو يبحث عن وظيفة ليأكل منها ويعيش.. نجد شاباً أو رجلاً ليس مريضاً يكذب عليك بأن أمواله ضاعت منه ويريد السفر الى بلدته لأنه وجد أن هذا الأسلوب الرخيص يجلب عليه أموالاً أفضل من العمل..!!
الفقراء الذين يئسوا من الحكومة الذكية ولم يعد بإمكانهم الانتظار لوعودها أصبح أملهم في الغيبيات والتجليات و ظهورات العذراء ..!!

والمرضي الذين لا يجدون العلاج وتكاليفه وفوجئوا بمشروع التأمين الصحي ولا يجدون ثمن الدواء الشافي.. يحلمون بمعجزة لشفائهم وقد يجدون بركة ظهور العذراء قد حلت عليهم.. أو ينامون في مكان تتجلي عليهم بركة السيدة زينب فيشفون برغم أن ذلك كله لم يحدث طوال التاريخ لكنه الأمل في أمر غيبي.. والإيمان المطلق بقدرة الله لكنهم يخطئون الطريق انتظاراً للأمل من أشخاص يعتقدون في قدسيتهم وبركتهم وشفاعتهم .. والله ليس بينه وبين المظلوم وقياسًا والمريض والفقير- حجاب!!

إن ظهورات العذراء التي عشناها واقتنع بها الكثيرون مسلمون ومسيحييون سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة هي رسالة من أهل الأرض البسطاء الفقراء.. المرضي.. الغلابة.. المحتاجين.. لرب السماء فهو وحده الأعلم بهم وهو وحده القادر على تلبية احتياجاتهم ونصرتهم.

إن ظهور العذراء رسالة واضحة طبقاً لمنظومة واضحة المعالم داخل المجتمع المصري تؤمن بمثل هذه الغيبيات وتنتظر الفرج عن طريقها.. إنهم مثل هؤلاء الذين يذهبون للكنائس أو للشيوخ بحثاً عن علاج ولا يذهبون للمستشفيات أو الأطباء النفسيين قد يكون ذلك لأنهم لا يملكون تكاليف العلاج لدى الأطباء والمستشفيات أو لأنهم لم يجدوا الرعاية الكافية فلجأوا الى الغيبيات..!!

ظهور العذراء رسالة من أهل الأرض الى رب السماء. إنهم في انتظار البركة التي ضاعت بسبب الغلاء الفاحش والأزمات المالية وضرائب وزير المالية.. إنها رسالة الى رب السماء يطلبون البركة والمعجزة التي يحلمون بها بعد أن ضاقت بهم السبل أو ركنوا بسببها الى الكسل.

ظهور العذراء  أيضا رسالة من أهل مصر الطيبين المؤمنين الى رب السماء تؤكد أن هذا الشعب الطيب الأصيل يؤمن إيماناً راسخاً برب السماء.. يؤمن إيماناً راسخا بأن الله معه وأن البركة مازالت في مصر وأن غداً سيكون أفضل.. لأن الله معه يرعاهم.. ويحل عليهم بالبركات.. فإذا كان المسيحيون والمسلمون مؤمنين تماماً ببركة ومكانة وقدسية مريم العذراء.. فإنهم أيضاً يقولون إن مصر لن يمسها سوء أبداً ببركة آل بيت رسول الله الذين اختاروا مصر موطناً لهم وماتوا فيها لكن كل هذا لا ينفي أننا في حاجة الى تصحيح المفاهيم والعقيدة.. وأننا لا يجب أن ننتظر الفرج والبركة والعطاء إلا من الله وحده سبحانه وتعالي لا شريك له ولا شفاعة إلا لمن أذن له.. وهناك طريق واضح ومعلوم سواء للمسلم أو المسيحي لكي يدعو فيستجاب له..!!

ولعل في حديث رسولنا الكريم القدسي خير دليل على ذلك “عبدي أطعني تكن ربانياً تقول للشيء كن فيكون” فالطاعة والتقوي هما الطريق للبركة والعطاء.. وليس التجليات والظهورات..!

اخبار ومواضيع ذات صلة:

13 comments
  1. أحمد رشدي 25/11/2015 00:15 -

    لصاحب المقال من أين أتيت بمعلومة أن المسلمين يؤمنون بظهور أولياء الله الصالحين ؟ أي مسلم عاقل لا يؤمن بهذا أبدا ومن يقول ذلك من المسلمين ستجده قليل الإيمان أو منعدم الإيمان أو ستجده من المجاذيب منعدمي الثقافة
    فمن فضلك تحدث عن اعتقادك فقط ولا تدخل في تلبيس الحق بالباطل لتقنع الناس

  2. أحمد رشدي 25/11/2015 00:07 -

    ردا على من يقول في هذه التعليقات ” إن الرب يقول أبصروا فالعذراء هي أم الله تظهر ” هل فكرت كيف تكون العذراء أم الله ؟ إذن من الذي خلق العذراء قبل أن تلد الله الذي من العقل أنه خالق كل شيء ؟ أنا لا أعيب على اعتقادك ولكن يجب أن يكون الاعتقاد نابعا من العقل ولا إيه ؟

  3. akraweya 16/08/2011 10:58 -

    قال الرب ان كان لكم ايمان بقدر حبة الخردل لقلتم لهذا الجبل ان يتحول فتحول ابصروا فالعذراء هي ام الله تظهر للبشرية لكي يؤمنوا ويكونون ثابتين في ايمانهم لانها شفيعتنا هي الواسطة بيننا وبين ابنها المخلص

  4. يا ريت قبل الكلام عن التكنولوجيا الرجاء المعرفة بها أولا

  5. مش احنا اللى محتاجين اثبات وصاحب العقل

  6. مش احنا اللى محتاجين اثبات وصاحب العقل يميز

  7. محمد 01/11/2010 21:10 -

    اشهد ان لا اله الا الله وان سيدنا محمد رسول الله

  8. أحمد 13/07/2010 11:33 -

    كل اللى هم عملوا انهم استخدموا التكنولوجيا فى تحفيز المسيحى العادى ولكى يعود الحديث عن المسيحية ( ممكن نعتبرها حركة تبشيرية)

  9. moha reda 03/07/2010 11:49 -

    توجد اية في الانجيل تقول طوبة لمن يومن ولم يري يعني اللي ميشوفش احسن من اللي بيشوف يعني مش بالايمان زي ما القسس بررت بل بالعقل ومظنش ان حد محتاج لمعجزة عشان يتاكد من دينه الدين من القلب واحنا المسلمين في اية في القران بتقول في قصة سيدنا موسي مع العصا بتقول بسم الله الرحمن الرحيم وخيل اليهم من سحرهم انها تسعي صدق الله العظيم يعني في سحر يقود البشر حيث لايعلمون

  10. ميرنا 18/03/2010 14:55 -

    بجد احنا خلاص بقينا تافهيين جدا ربنا يرحم الناس اللي كانوا عاقلين

  11. ميرنا 18/03/2010 14:55 -

    ايه التخريف القذر دا
    بجد حاجه بقت تخنق

  12. جزائرية 05/03/2010 20:59 -

    والله جهل وكفر , مجرد أضواء تلعب جعلتكم تفكرون وتؤمننون , وتعيشون الحلم ولا أدري ماذا أيضا, الحمد لله على نعمة الإسلام والعقل

أضف تعليقاً