الاكتشاف المصري الخطير | النقاب و اسباب انفلونزا الخنازير

النقاب و انفلونزا الخنازير

النقاب و انفلونزا الخنازير

مصريات

محمد هشام عبيه

جلس في مقعده منجعصا، وكاد يضع قدما على قدم لولا أن تراجع تأدبا للحضور، ثم أمسك دلوا ليدلو قائلاً: «انت أساسا مش عارف السبب الحقيقي لانتشار إنفلونزا الخنازير» ثم صمت، وكأنه يترك فرصة للحضور كي يعاتبوا أنفسهم ويعاقبوها على أنها بهذه التفاهة التي جعلت هذا الشاب الجامعي الأزعر يتفوق عليهم جميعا ويتوصل الى السر الذي حير العالم كله.

اشرأبت الأعناق كلها تجاهه وهي تشعر بمشاعر مختلطة بين الحقد والغبطة لكون مكتشف سر إنفلونزا الخنازير هو شاب مصري أصيل تجاوز العشرين لتوه، قبل أن يتمتم قائلا في ثقة لم يمتلكها المرحوم أرشميدس حينما خرج بلبوصا من الحمام وقد اكتشف قانون الجاذبية «إنفلونزا الخنازير ظهرت عشان الستات ترجع للنقاب

أوووبا! هي أولها كده!

وقد تابع ملامح الدهشة التي رسمت صحاري وودياناً على وجوهنا، وما صاحبها من خرس استولى على الجميع، نزل علينا بالمزيد من التفاصيل المثيرة ليشبع فضولنا العلمي «قولوا ليه؟ ماحدش بيقول ليه؟ طب أقول أنا.. ليه؟.. لأن إنفلونزا الخنازير خلت الناس تلبس كمامة، والكمامة دي بتغطي تقريبا نفس المساحة من الوش اللي بيغطيها النقاب.. يبقي بكده رجعنا للنقاب ولا َّلأ؟!».

تعرف، لو أن هذا الشاب الجامعي الأزعر- خليك فاكر انه جامعي وأزعر- كان عضواً في جماعة دينية متشددة من تلك التي تعتبر كل السيدات غير المنتقبات متبرجات كاسيات عاريات، لربما تقبلنا منه هذا الرأي، على اعتبار أنه يعبر عن فكر جماعي قد تأثر به، وإن كان المرء يشك أن حتي الجماعات الدينية المتشددة هذه قد يذهب بها الشطط الى هذا الحد، لكن المشكلة أيها المواطن أن هذا الشاب جامعي، يعني متعلم تعليم عالى – نعلم جيدا أنه من الصعب أن نطلق على تعليم هاني هلال عالى لكن عديها- وقد مر بمراحل تعليم متعددة، ولو لم يتعلم منها سوى القراءة والكتابة يا جدع، لكان شغل دماغه وأدرك أن ما يقوله- رغم تصوره أنه يدافع به عن الإسلام- لهو أسوأ دعاية للإسلام، والحمد لله أن هذه الجلسة كانت في قهوة بلدي في حي شعبي أصيل، وتخلو من مراسلي الصحف والوكالات الأجنبية وإلا وصل اكتشافه العلمي الفذ هذا الى كل الدنيا والفضيحة أصبحت «دولي»!

كان لابد من مناقشته بالمنطق «ماشي.. إنفلونزا الخنازير أعادت السيدات الى النقاب.. فهل الرجال الذين يرتدون الكمامات الواقية عادوا الى النقاب بدورهم؟»، لما ارتج عليه الأمر، ضحك في عصبية وحيرة وكأنه لم يعتد أن يدخل في حوار به بعض من منطق، لكنه مداريا على عجزه، قرر أن ينقلنا الحوار الى نقطة أخرى حيوية تتعلق بأنه «تصور البيبسي كانز زادت ربع جنيه مرة واحدة.. مفتريين مفتريين يعني!»

لم تكن صدفة أن يدور هذا الحوار، قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي الجديد الملبد بغيوم لا نعرف لها أول من آخر بفضل إنفلونزا الخنازير أيضا، وهكذا بدا هذا الرأي الذي يفتقد أبسط قواعد المنطق ويحشر الدين حشرا دون وعي وفهم في أمور بعيدة عنه، أكبر دليل على أن حال معظم -بلاش كل- خريجي الجامعات والمدارس المصرية لا يحتاج الى ارتباك مرتبط بإنفلونزا الخنازير حتي «يرتفع ضغط الواحد ويصاب بالسكر مرة واحدة، وأنه إذا كان يمكن لنا أن نغفر لهذا النظام وهذه الحكومات المتعاقبة كل المفاسد التي وقعت في حقوقنا، فمن المستحيل أن نغفر لهم هذا التجريف المنظم الذي مارسوه باستخدام التعليم في عقول أجيال متلاحقة، أصبح معظمهم يسير بمخ «مخوخ» كالبطيخ الذي يبيعه عم توكل الغشاش على ناصية شارعكم!.. مخ يقول إن الكمامة تعني النقاب.. على كده الأطباء الذين يرتدون الكمامات في كل أنحاء الدنيا والكواكب الأخرى أثناء إجراء العمليات «متنقبين» من زمان! مخ مخ فعلا

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً