بعد الغاء الموالد: هل اخترق السلفيون والاخوانجية الحكومة المصريةِ

بعد الغاء الموالد: هل اخترق الوهابيون الحكومة المصريةِ

بعد الغاء الموالد: هل اخترق الوهابيون الحكومة المصريةِ

بعد الغاء الموالد: هل اخترق السلفيون والاخوانجية الحكومة المصريةِ

مصريات
د.عماد أبو غازي
في هوجة المواجهة الحكومية لانفلونزا إن إتش ون او المعروفة بانفلونزا الخنازير اتخذت الحكومة قرارا بإلغاء الاحتفالات بالموالد هذا العام ، وفد أثار القرار انتقادات واسعة بين أتباع الطرق الصوفية و مرتادي الموالد ، كما أثار أسئلة منطقية عديدة مثل : لماذا تلغى  الموالد ولا تلغى عمرة رمضان تماما رغم أن السعودية المصدر الاول لأنفلونزا الخنازير إن إتش وان إلى مصر ؟

ولماذا ألغيت الموالد بينما لم تلغ تجمعات جماهيرية أخرى مقل العروض السينمائية و المباريات الرياضية رغم أن الاخيرة كانت سببا في أكبر حالة عدوى جماعية ظهرت في مصر إلى الآن ؟ ولماذا لا يتم تأجيل الدراسة في المدارس و الجامعات ؟ وبالمقابل يتسائل المتسائلون لماذا لم تتوقف الأنشطة الاجتماعية و الفنية والرياضية في مختلف دول العالم ومنها دول فاقت عدد الاصابات فيها مصر بكثير ؟ وهل كانت هناك بالفعل ضرورة لاتخاذ مثل هذا القرار ؟
وبغض النظر عن مدى صحة القرا من عدمه ، أو عن جدواه ومنطقيته ، فإن الحكومة لم تنجح في تطبيق القرار تطبيقا كاملا ، ففي ميت دمسيس أقيم مولد مار جرجس كما هي العادة ، وفي محافظة كفر الشيخ أعلن المحافظ ومعه الحق فيما أعلنه – أن مولد سيدي ابراهيم الدسوقي سيقام في دسوق في موعده لأنه مناسبة اقتصادية اجتماعية مهمة .

لقد اتخذت القرار ومنعت الناس من فرحتهم بمولد السيدة زينب ، لكن اللافت للنظر والخطير في الأمر تصريح نسب للدكتور محمود حمدي وزير الاوقاف قال فيه : إن انفلونزا الخنازير كانت مناسبة لإلغاء الموالد هذا العام تمهيدا لمنعها نهائيا ، إذن أعلنت وزارة الأوقاف رسميا وعلى لسان وزيرها الحرب على الموالد ، و الانفلونزا مجرد حجة ، مثلما حدث مع الخنازير عند بداية ظهور الوباء ، حيث أعلن مسئول رسمي أن الانفلونزا كانت فرصة لتنفيذ قرار مبيت لدى الحكومة بالتخلص من الخنازير في بر مصر ، وإذا كانت مذبحة الخنازير قد مرت فلا ينبغي أن تمر تصريحات وزير الاوقاف دون مراجعة ، خاصة أن السنوات الماضية شهدت أكثر من مرة ممارسات متعددة للتضييق على المحتفلين بالموالد ، الأمر الذي ينبئ بنية مبيتة للقضاء على طقس من الطقوس الاحتفالية
الأمر الذي ينبئ بنية مبيتة للقضاء على طقس من الطقوس الاحتفالية الشعبية في مصر ، ويكشف عن اختراق وهابي اخواني للحكومة المصرية ، والغريب أن يصل الاختراق الى وزارة الاوقاف التي يتولاها عالم وأكاديمي يرى فيه الناس نموذجا لمفكر مستنير ، وإذا كانت الحكومة تسعى بجدية لمحاربة التطرف الديني والارهاب باسم الدين فلتدعم الطرق الصوفية أو على الأقل لتتركها في حالها تنمو بفكرها المتسامح وطقوسها المحببة لقلوب الناس .
إن الموالد تحارب دائما من اتجاهين رغم أنهما يقفان غالبا على طرفي نقيض إلا أنهما يجتمعان على العداء لهذا الطقس الاحتفالي الشعبي الجميل ، الاتجاه السلفي بتنويعاته الذي يرى الموالد بدعة ينبغي أن تحارب ، وقطاعات من المثقفين الذين يتعالون على هذه الاحتفالات  ويصفونها بالتخلف لأنهم منعزلون عن روح الشعب وثقافته الحقيقية .
والموالد من أهم الاحتفالات الشعبية ذات الطابع الديني في مصر ، فهي تراث مصري أصيل ، ومكون مهم من مكونات ثقافتنا الشعبية المصرية ، ولا تخص الموالد أتباع دين من الأديان وحده ، بل نحتفل بها جميعا ، مسيحيون ومسلمون ، فالمسيحيون المصريون يحتفلون بمولد السيدة العذراء و مولد مار جرجس و موالد قديسين عديدين بنفس الطقوس التي تصاحب احتفالات المسلمين المصريين بموالد آل البيت وفي مقدمتها احتفالهم بمولد السيدة زينب وسيدنا الحسين ، واحتفالهم بموالد أولياء الله الصالحين بطول البلاد وعرضها ، هذا بالطبع بالإضافة إلى الاحتفالين الكبيرين بالمولد النبوي الشريف و عيد الميلاد المجيد – ولا يقتصر الأمر على التشابه في مظاهر الاحتفال بل نجد أن المصريين يتشاركون في احتفالاتهم بالموالد مع احتلاف أديانهم .
ولا تكاد تخلو قرية أو مدينة مصرية من مقام أو ضريح أو مزار لولي مسلم أو لقديس مسيحي ، بل إننا نجد في بعض المدن الكبرى كالقاهرة و الاسكندرية مقاما لولي من الاولياء في كل حي من الأحياء القديمة بالمدينة .
وتختلف أهمية الموالد في مصر وتتفاوت في حجم المترددين عليها تفاوتا كبيرا ، فهناك ما يمكن أن نسميه موالد قومية يفد إليها الناس من كل صوب من مصر مثل مولد سيدنا الحسين و مولد السيدة زينب بمحافظة القاهرة ، و مولد السيد البدوي في طنطا و مولد السيدة العذراء في درنكة باسيوط ، و مولد مار جرجس في قرية ميت دمسيس ، وهناك موالد أصغر يفد إليها أهالي المحافظة أساسا وربما بعض الوافدين من خارجها ، وهناك موالد صغيرة قاصرة على حي من الاحياء أو قرية من القرى ، مثل مولد السيدة عائشة في حي الخليفة بالقاهرة ، وهذا المولد من الموالد المتميزة ، له سمات خاصة فالاحتفال الأساسي الذي يقع يبدأ عصر يوم 15 شعبان من كل عام يبدأ في شكل كرنفال فني يسير من ميدان القلعة إلى ميدان السيدة عائشة ، وأتذكر كذلك من أيام طفولتي مولد الابريقي بحي منيل الروضة الذي كان يقتصر على سكان الحي ، وكانت الاستعدادات تبدأ لتنظيمه قبل موعده بأيام حيث يطوف المنظمون على أهالي منيل الروضة في بيوهم لجمع تبرعات هي ملاليم أو قروش قليلة للمساهمة في الصرف على موكب الاحتفال بالليلة الكبيرة للمولد والتي كانت تسمى البندير ، إن الحفاظ على الموالد جزء من الحفاظ على الهوية الثقافية للمصريين ، ومن يحاربها يرتكب جريمة تدمير جزء من التراث الانساني .

اخبار ومواضيع ذات صلة:

1 comment
  1. مشكلتي اني ولا باعرف اقراء ولا اكتب

أضف تعليقاً