زغرودة وشربات مر

بلد البنات

بلد البنات

زغرودة وشربات مر!

مصريات

في بلد البنات.. كل البنات.. ماليا جيوبها سكر نبات.. بنات بنات.
بتحلم تضوي زي النجوم.. بتحلم ترفرف زي الرايات.
تري هل بنات الحوامدية والبدرشين وأبوالنمرس تحتضن جيوبهن سكر النبات أم صكوك زواج القادمين من الخليج العربي في اجازاتهن الصيفية.
بدون تزويق أو رتوش تضعنا الأرقام أمام واقع أن 74% من قاصرات محافظة اكتوبر متزوجات من غير المصريين فالدراسة التي اجرتها وزارة الدولة للأسرة والسكان في قري محافظة اكتوبر وضمت عينتها العشوائية 2000 فتاة خرجت علينا نتائجها في أوائل اغسطس الحالى ووضعتنا امام هذا الرقم المجرد. الذي يفتح قوس الاسئلة اللانهائية والتي ربما نتواطأ جميعاً في تجهيلها.
نتواطأ بالصمت او الجهل او حتى الاستفادة.
الاسئلة تبدأ دائماً بـ (لماذا) لكن لا تتعجل الرد.. انه الفقر.
صحيح أن 46% من الاسر المصرية تعاني الجوع (تقرير شعبة الخدمات والسكان بالمجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة).
إلا أنه لا يصلح أن يكون المتهم الوحيد. فهناك فقر النفس الذي جعل من هؤلاء الناس كائنات ضئيلة الأرواح. لا تتردد في أن تترك بعضاً من انسانيتها امام اصفار المهور والهدايا الخواجاتي بل أحياناً تتباهي بكون ابنتها هي صاحبة المهر الاعلى وينسون أو تجبرهم الحياة على ابتلاع ما يعرفونه جيداً من حكايات البنات المتروكات دون طلاق وبطفل في الرحم او على الكتف او الاخريات اللاتي حملهن الازواج الى البلاد البعيدة ليعملن خادمات لزوجاتهم المواطنات
والحكايات كثر بعدد من تزوجن رسمياً عبر مأذون يردد آيات الله المقدسة وهو يعلم جيدا أن تلك الزيجة مجرد صفقة أو من خلال المحامين اصحاب الاوراق العرفية الجاهزة دائماً ويبقي في كل الحواديت لاعب اساسي هو السمسار القادر على ازالة كل العقبات وجني اكبر المكاسب لانها تجارة لا تخيب.. ولا تنتهي لأنها تجارة البنات… والبنات في بلادنا ملء الشوارع والبيوت.
تنسج كل واحدة منهن احلامها في ضفيرة شعرها ويبقي واقعها رهن الظروف والاهل والفرص واحيانا الارادة وتبقي حقيقة كل منهن صندوقاًً اسود يسكن الروح.
اسأل الان وصدقاً لا اعرف الاجابة.. كيف تشعر فتاة صغيرة في الخامسة عشر من عمرها او اكثر قليلا حين يمتصها شيخ غريب لأيام ويتركها تنتظر عودته الصيفية ان حالفها الحظ وعاد!.
او كيف لتلك الطفلة ان تربي طفلها؟ بأي نظرة تري أبيها؟ وبماذا تحس عندما تشاهد التليفزيون وحوارات تمكين المرأة من حقوقها السياسية؟.
ما هي الاسئلة التي تقفز في ذهنها عندما تري الشيوخ المتنافسين حول فتاوي ارضاع الكبير وفوائد بول الابل؟
اسئلة مرة تترك في الحلق اشواكاً. لكنها لا تمنعنا النسيان لان صخب القاهرة اكبر من أن يدعك تنظر الى هؤلاء المرصوصين على الهامش الذين لا تراهم إلا أرقاما في إحصائيات تصفعك.. لو انتبهت.
تري هل هي صفعتهم التي يردون بها تنكر المجتمع لهم.
وان كان الامر كذلك تري كيف ستكون صفعة الاجيال التالية من ابناء القاصرات؟.
أو من هؤلاء المطموسين في الشوارع المنتمين إليها سكناً وهوية؟.
=أو من هؤلاء الذين يحتضنون الموت هرباً الى شواطئ اوروبا ويعاودون تكرار التجربة مرات ومرات.
أو من اولئك الشباب والشابات المبدورين في المقاهي والمصالح الحكومية يبيعون المنتجات الصينية وحيائهم وشهاداتهم الجامعية وبعض كرامتهم.
هل تبدو الصورة قاسية؟.. لا أظن بل ادرك انها مرعبة.

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً