نشاط بركاني في مصر في شرق ابو زعبل وقلعة الكبش

مصريات – نادية الدكروري: رغم حدوث فوران بركاني في مصر قبل 30 مليون سنة أي في عصر الأوليجوسين وصعوبة تكراره الآن فإن هذه الطفوح البركانية بالتربة المصرية أصبحت تهدد العديد من المناطق العشوائية المقامة عليها لاسيما أن معظم هذه الاماكن لا تتوفر بها شبكات الصرف الصحي و هو ما يزيد من هشاشة التربة و تعرضها للزلازل وهذا ما أكدته أحدث دراسة بقسم الجغرافيا بكلية الآداب للدكتورة عزة عبدالله أستاذ الجيومورفولوجيا اعتمدت على دراسة عدة مناطق شرق أبوزعبل و منها عرب الصوالحة التي تعاني تربتها من آثار بركان خامد خلف صخور البازلت.

اعمال الصرف الصحي في مصر

اعمال الصرف الصحي في مصر

وتعرض الدراسة جيولوجية المنطقة التي تغطيها تكوينات الزمن الرابع و صخور البازلت التي ترجع لعصر الاوليجوسين مكشوفة على السطح في محاجر أبو زعبل و توجد تكوينات الميوسين في الجزء الشرقي من منطقة الدراسة و تتكون من الصلصال و الرمال و الحجر الرملي الجيري مع تداخلات من حجر جيري و رملي و يقدر سمك هذه التكوينات بنحو 40 متراً في مكاشف الطبقات بينما تتغير رواسب البليتوسين من مكان لآخر ليتراوح سمكها بين صفر و 15 مترا.

و أوضحت الدراسة كذلك أن سطح المنطقة تقطعها شبكة من الترع و المصارف تمثلها ترعة الاسماعيلية و الشرقية بينما تمثل المياه الجوفية لخران البليستوسين المصدر الرئيسي للسكان لسد احتياجاتهم في الاستخدامات المنزلية و الزراعية و الصناعية.

تمر الترع و المصارف عبر رواسب طمي النيل و الصلصال المنتمين الى عصر الهولوسين، كما أنها تمر أيضاً من خلال تكوينات البليستوسين كما تمر الترع و المصارف بين قرى سكنية عالية الكثافة و مناطق صناعية نشطة حيث يتم صرف المخلفات الصناعية السائلة مباشرة في الترع و المصارف كما يتم صرف مياه الصرف الزراعي إلى المصارف و نظرا لقلة سمك تكوينات الهولوسين فإن المياه الملوثة تترسب إلى خزان البليستوسين.

و عن التغيرات البيئية أوضحت الدراسة أن هناك زيادة كبيرة في أطوال الطرق وصلت إلى 90,29 كيلو متر و كذلك الترع إلى 37,94 و المصارف الى 12,52 كيلو بل زادت مساحة القرى إلى 1047,20 فدان و كذلك الاستخدام الصناعي إلى 1346,8 فدان بينما زادت مساحة البرك الى 158,25 فدان.

و أوضحت دراسة الهيدرولوجيولوجية أن نشأة البرك و زيادة مساحتها ترجع الى النشاط البشري حيث أدى تعويض منسوب السطح في منطقة المحاجر بما يتراوح ما بين 5 و 9 امتار و إزالة غطاء البازلت -الذي يعد من مخلفات البركان الخامد- إلى حدوث تدفق علوي و جانبي للمياه الجوفية من خزان الاوليجوسين مع وجود نظم الفواصل التي تقطع صخور البازلت.

و يرى باحثون آخرون أن مصدر مياه برط أبو زعبل يرجع إلى حدوث تدفق علوي للمياه الجوفية في محاجر ابو زعبل من نشع مياه ترعة الاسماعيلية و خزان الاليجوسين بالاضافة الى مياه الصرف الزراعي و الصناعي و الصحي.

بل أكدت الدراسة ارتفاع منسوب المياه الارضية و ما يترتب عليه من آثار سلبية على المناطق السكنية و يرجع هذا الارتفاع الى انخفاض منسوب المياه السطح و بطء الانحدار بالإضافة إلى سمك خزان الهولوسين يظهر المياه الأرضية في المناطق المنخفضة المنسوبة بجانب وجود طبقة من البازلت على عمق قريب من البرك و تؤثر كذلك الزيادة السكانية و النمو العمراني مع عدم وجود شبكة جيدة للصرف الصحي مع استخدام طرق الصرف التقليدية بالإضافة الى انخفاض كفاءة المصارف على المباني الموجودة بهذه المنطقة.

و أوصت الدراسة بوضع خطة استراتيجية تستهدف خفض منسوب المياه الأرضية إلى مستوى آمن وفقا لطبوغرافية السطح من خلال صرف المياه الارضية و السطحية في مجاز محددة تنتهي الى النطاق الصحراوي شرق ابو زعبل و يمكن الاستفادة من هذه المياه في استصلاح أراض جديدة بهذا النطاق و انشاء آبار لسحب المياه الزائدة بواسطة مضخات و نقل هذه المياه إلى مناطق أخرى لاستخدامها وفقا لخطة موضوعة.

و أوصت الدراسة كذلك بإنشاء شبكة جيدة للصرف الصحي إلى جانب تصميم و عزل خزانات الصرف التقليدية بحيث لا تسمح بتسرب مياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي و وقف صرف مياه المصانع على البرك و نقل مياه الصرف الصناعي عبر أنابيب إلى مناطق يمكن الاستفادة منها و الاهتمام بمعالجة مشكلات تملح التربة من خلال استخدام طرق الري بالتنقيط و زراعة المحاصيل التي تتحمل نسبة ملوحة عالية و تعمل على سحب المياه الأرضية المرتفعة المنسوب و التخلص منها عن طريق التبخر.

الانهيار الصخري في الدويقة في القاهرة

الانهيار الصخري في الدويقة في القاهرة

و من جانبه أكد الدكتور محمد عفيفي بمركز بحوث الصحراء أن هذه المنطقة المقام عليها المناطق السكنية العشوائسة تعد فوهة بركان خامد من عصر الايجوسين و الذي نتج عنه صخور البازلت مما يؤكد أن هذه التربة هشة و معرضة للانهيار في أي وقت لاسيما بعد تكون البرك الصناعية خلفها و كذلك و كذلك مياه الصرف الصحي و الصناعي التي بدأت تتجمع أسفل هذه المنازل و هو ما يعرف “بالتجوية” مما جعل العديد من خبراء الجيولوجيا يطلقون التحذيرات حول إمكانية حدوث انهيارات في هذه المنطقة مثلما حدث فجأة في الدويقة و لا نعلم هل يسمعنا أحد أم لا؟

بينما يرجع الدكتور عزت القرتي أستاذ الهيدروجيولوجي بكلية العلوم جامعة عين شمس في دراسة له أسباب تكون تلك البرك شرق أبوزعبل إلى نظرية “التوتر السطحي” أي أن المياه تخرج لأعلى بعد تعرض التربة للضغوط فالحفر على هذه الأعماق أدى للوصول لمنسوب أقل من منسوب ترعة الاسماعيلية مما أدى لتداخل المياه من خلال الفواصل و الفراغات الموجودة اسفل التربة في صخور البازلت و ظهورها بهذه المنطقة.

بل حذرت العديد من الدراسات الجيولوجية من هذه البرك التي تكونت بين رواسب البركان الخامد بالاضافة إلى ما تحدثه منطقة المحاجر من تفجيرات بواسطة الديناميت لاستخراج صخور البازلت التي تستخدم في رصف الشوارع و تأثير ذلك في استقرار التربة في المنطقة و المباني السكنية المحيطة بها و إحداث ما يسمى بالزلزال الصناعي و هو الخطر الحقيقي على هذه المنطقة

و أوضح أن هذه الخطر لا يهدد منطقة أبوزعبل وحدها بل كل المناطق التي حدث بها فوران زلزالي و على رأسها منطقة قلعة الكبش وهو  ما توصلت له دراسة بحثية منذ شهور للدكتور سامي قطب عيطة الاستاذ بهيئة المواد النووية حيث توصل الى أسباب صدور انبعاثات حرارية من منطقة قلعة الكبش و هذه المناطق

و قال عيطة إنه عندما تزايدت هذه الانبعاثات التي تزامنت مع قيام بعض الاهالي باستحداث بناء بيوتهم على هذه المناطق الهشة قمنا بإجراء الأبحاث العلمية لمعرفة أسبابها و توصلت إلى أنها انبعاث غاز كبريتيد الهيدروجين الذي من الممكن أن يتفاعل مع صخور الحجر الجيري بالمنطقة و ينتج عنه حامض الكربونيك الذي يتفاعل مع الحجر الجيري.

وينتج عن ذلك فراغات تحت السطح تتحد مع بعضها و تتسع بما يساعد على الانهيارات الأرضية لاسيما مع تزايد النشاط السكاني بالمنطقة بشكل عشوائي و هو ما يهدد بحدوث انهيارات في الجانب الغربي من قلعة الكبش التي بها العديد من السكان و جيولوجياً تقع هذه المنطقة على طية محدبة (anticline fold) و بالتالي اوصت الدراسة بعدم البناء على الحافة الغربية و الابتعاد عنها ما لا يقل عن 50 متراً و الا تزيد ارتفاعات المباني على طابقين . بل كشف عيطة كذلك عن حدوث زلازل في هذه المنطقة بشكل مستمر إما لطبيعة تربتها الهشة أو بفعل أعمال البناء التي تتم عليها دون دراسة علمية لمدى تحمل التربة في هذه المناطق الشديدة الحساسية مما يؤدي الى الاسراع بانهيارها و حدوث العديد من التصدعات في المباني المقامة عليها و منها إحدى العمارات المقامة على 7 ادوار و لوحظ ميلها 3 درجات عن الرأس عقب البناء بشهور و كذلك المدرسة التجريبية فتحي سرور سابقا التي تم بناؤها عام 1996 بعد زلزال 1992 إذ شوهد بها شروخ واضحة تم طلاؤها فيما بعد بل إن هناك منطقة سكنية تم بناؤها منذ عام 2002 للإيواء العاجل و تعرضت لهذه الشقوق و حتى الآن لم يتم التسكين بها وذلك نتيجة للهزات الأرضية التي تتعرض لها المنطقة من حين لآخر.

بل مع التكدس السكاني أصبحت مياه الصرف الصحي و خطوط نقل المياه و ري الحدائق تمثل تهديدا آخر حيث تتسرب إلى الطفلة الموجودة أسفل الحجر الجيري مما يؤدي الى انتفاش هذه الطفلات و زيادة حجمها مما يؤدي لسقوطها لاسيما أنها مشققة في اتجاهين متعامدين مما يؤدي لانزلاقها بفعل الجاذبية الى المناطق المنخفضة ومنها المنطقة الغربية التي حدث بها انهيار صخري عام 2000 وتم بناء تكسية حجرية لحماية المنطقة التي بها آثار لصدوع و فوالق.

ويؤكد عيطة ضرورة توخي الحذر عند إقامة أية مباني سكنية في منطقة بها نشاط بركاني بل يجب الابتعاد عن فوهة البركان عند إقامة هذه المباني و هي موجودة في هذه المنطقة عند طريق صلاح سالم في اتجاه الدراسة و التي نتج عنها وجود تلال من الرماد البركاني يلاحظه المارة و بالتالي لم يبن فيها حتى الآن ومن المحتمل علميا أن يحدث بها تفاعلات حرارية وتسمى بعرب اليسار ولا أحد يمكن أن يجزم بعدم عودة بركان قلعة الكبش لانعدام وجود مقدمات له مثلما يحدث في الزلازل ، و بالتالي يشدد عيطة على ضرورة الابتعاد عن هذه الفوهة بمسافة كافية للبناء و إجراء اختبارات التربة لتحديد مدى إمكانية تحملها للانشاءات و اتباع الكود الزلزالي عند البناء و يفضل أن تحول إلى محمية طبيعية كالجبل الأحمر.

ومن المعروف عن منطقة قلعة الكبش أنها مكتظة بالسكان فيحدها من الشرق مسجد أحمد بن طولون و الجيارة  و من الجنوب منطقة زينهم و مسجد السيدة نفيسة ويحدها من الغرب منطقة زين العابدين و من الشمال الخضيري ومكونة من صخور الحجر الجيري تتداخل معه طبقات من الطفلة في نهاية طرف الطية و من الغرب يوجد “رمية سفلية” (normal fault) ويأخذ اتجاه شمال غرب-جنوب شرق وتصل رميته لأكثر من 100 متر في اتجاه الغرب ناحية منطقة زين العابدين.

والمنطقة الجنوبية من قلعة الكبش أمام نقطة الشرطة و الخزان القديم يوجد بها بعض مخرات المياه نتيجة سوء الصرف أما المنطقة الشرقية في اتجاه مسجد السيدة نفيسة خلف نادي زينهم بها بعض المباني الحديثة التي تعاني من الشروخ و الصدوع أما عن المنطقة الشمالية بجوار سينجر الجولي و مسجد الرحبة يوجد بها بعض الصدوع في المباني القديمة و التي تأخذ اتجاه شمال غرب -جنوب شرق، أما عن المنطقة الغربية تتكون من زقاق خضر و درب العجوز و الساقية و البندقة و أبو البقا في اتجاه مسجد الرحبة وبهذه المنطقة التي تعد من أكثر المناطق عرضة لخطر الانهيار و بها منازل متصدعة ومقواة بعروق من الخشب.

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً