رمضان والصيف والفرق بين الصيام في حر القاهرة.. وعلى البلاج

رمضان والصيف الفرق بين الصيام في حر القاهرة.. وعلى البلاجرمضان.. والصيف
الفرق بين الصيام في حر القاهرة.. وعلى البلاج؟
!

مصريات –  محمد العزبي

أكبر إعلان عن قرب حلول رمضان هي المسلسلات التي تعددت وتنوعت وكلها تقول بأنها “حصرية” أي ليس لها مثيل ولن تجدها في أي قناة أخرى مع أنها في كل مكان.. لذلك صدق من قال بفلوسه على صفحة كاملة من أشهر الجرائد: “من قال إنها حصرية؟ كلها على القنوات المصرية!”.
تصبح المشكلة هي التنسيق بين مواعيد مشاهدة المسلسلات. فالبعض يفضلها في السهرة وحتي يحين موعد السحور والبعض الآخر يتسلي بإعادتها قبل أذان المغرب. حتي يدعي لما لذ وطاب؟!
مشكوك فيه أن ينعم الصائم بملذات الطعام هذا العام فارتفاع الأسعار يهدد بالتقشف.. ولكن كله كلام فالزحام على أشده في جميع فروع “السوبر ماركت” والبقالين وتجار اللب لشراء ياميش رمضان بجنسياته المختلفة مستورداً من الشام أو إيران وربما الصين!!
ملايين الجنيهات من أجل طبق خشاف.. وايه يعني فمرتبات المحظوظين أصبحت بالملايين ولا أحد يخجل؟!
ولا داعي لإعادة نشر ما ذكرته في مجلة “فوربس” الأمريكية الشهيرة عن مرتبات الرؤساء. وأولهم “باراك أوباما” وأكثرهم إثارة للجدل “ساركوزي” بعد أن طلب لنفسه علاوة. وتعرض للمساءلة لأنه لا يكتفي بألا يزيد على اثنين مليون دولار في السنة وإنما يسرف في شراء الورود ورفاهية السفر على حساب الشعب.
نعود الى رمضان والصيف والأزمة المالية المحلية والعالمية ونسأل هل: انتهت موضة “موائد الرحمن” وتوقف الجدل حول حق الراقصة في إطعام الفقراء. أم أن مالها حرام؟!
لقد انتهت موضة الفوازير التي كانت ملء السمع والبصر.. وفشلت جميع محاولات استعادتها بعد طغيان المسلسلات.
وأعتقد أنه لم تعد هناك “مساهر” تبدأ بآيات من القرآن الكريم بعد صلاة العشاء والتراويح وتنتهي بالسمر والحواديت في بيوت الأعيان ومتوسطي الحال خصوصاً في الأرياف.. ولعلها تعود ولكنها لن تعود بعد أن تغيرات الأحوال ولم يعد لدي الصائمين فهم محاصرون بابن الأرندلي وما لا ينتهي من حكايات وروايات وبرامج وأفلام لا تترك أمام المشاهد فرصة حتي لتأدية الصلاة.
كان أشهر المساهر في القاهرة ما أقامه الملك فاروق في قصر عابدين مفتوحة إحدي قاعاته للجمهور بدون تمييز أو تفتيش يتوافدون لسماع أشهر المقرئين وشرب القهوة ومتعة دخول القصر.
كان للقراء الكبار أحزاب ومريدون وسميعة يسمون المشايخ “صييته” ولو أن الشيخ محمد رفعت ظل صوته مرتبطاً بشهر رمضان فأذانه في أي وقت يعيدنا الى ليالى الشهر الفضيل.

رمضان 2009 شهر رمضان مسلسلات رمضان2009 لم تفلح قنوات التليفزيون المتخصصة في أمور الدين في جذب المزيد من الصائمين وكذلك يفقد الدعاة الجدد بريقهم.. وأيضاً تكنولوجيا المصاحف وآخرها الالكتروني الذي تهديه الفنانات “رحمة ونور” للآخرين ويقلن إنه صوت وصورة يعمل بالريموت كونترول وبمختلف الأصوات وأحياناً بالشرح والتفسير.. والحق ان المستمعين تاهوا بين مختلف مشاهير القراء ومدارسهم من الأداء المصري للسعودي والمصحف المرتل.. ومع أن كله كلام الله الجميل بأصوات موهوبة إلا أن الترتيل الذي تعودت آذاننا على سماعه من رفعت ومصطفي إسماعيل والطبلاوي وجيلهم مازال هو الذي يأخذنا الى عالم نصل فيه بالخيال الى سدرة المنتهي.
كان الجو مختلفاً تماماً والدنيا غير الدنيا.
ولقد تصادف أن قرأت رواية لزميلنا “محمد غزلان” بعنوان من كلمة واحدة “حاول” أن تجعلك تسرح في آفاق بعيدة ولو أن سنوات عمرها قريبة فأهم ما في آخر أعمال “غزلان” الأدبية هو إعادتنا الى الماضي الجميل في حي شعبي متميز يقدم من خلاله قصة أسرة من “مصر عتيقة” ينتقل معظم أفرادها الى البر الثاني عبر نهر النيل يستقرون في منيل الروضة ولكن أرواحهم تعود الى نشأتها الأولي حول الأخت التي رفضت أن تترك جذورها بعد أن حققت حلمها بالزواج من ابن الجيران.. والأخت الصغري تبددت كل أحلامها بحرمانها ممن أحبها فأقعدها المرض ليتجمع حولها الإخوة الذين تشتتوا وتعود الذكريات الدافئة تجمع بين الأسرة الواحدة بفضل أخيهم الذي لم تلده أمهم فكان أفضلهم!
كل واحد من أبطال الأسرة الصغيرة يحكي ويكاد يبكي ولحظات حب وعتاب وندم وسط جو افتقدناه وكأنها لوحة تختلط فيها الألوان ولا يتوقف صوت عبدالحليم عندليب ذلك الزمان.
الرواية ليست أحداثاً درامية بقدر ما هي صورة عشناها جميعاً وافتقدناها.
لن يعود سكان الروضة الى مصر القديمة أو سكان الزمالك الى بولاق أو سكان المريوطية الى السيدة زينب أصبح كل ذلك وغيره أحلاماً نقرأها في الروايات!
يقول المؤلف: كنا نشم رائحة الفل والياسمين في هذا الطريق منذ سنوات كانت أيام الهموم فيها أقل والطموحات أكبر إلا أنها كانت قابلة للتحقيق!
كذلك لن يعود رمضان زمان
ثم إنه يأتي في عز الصيف وما أدراك ما الحر والعطش وعادة التصييف فهل ينفع الصوم على شاطيء البحر؟!
للضرورة أحكام وكثيرون يفكرون في قضاء إجازة بعيداً عن هم القاهرة وإذا كان ولابد من طقوس الشهر الفضيل فالتليفزيونات تنقل أهم ما فيها على شاشاتها في أي مكان المسلسلات!!

جومانا مراد ونهال عنبر في مسلسلات رمضان

جومانا مراد ونهال عنبر في مسلسلات رمضان

الايجارات قد تنخفض بعد أن وصلت الى حدود لا يطيقها الموظفون.. والزحام قد يخف بعد أن خنق الأنفاس .. وما الفرق بين الصيام في العاصمة أو بالمايوه؟
ولقد احترت شخصياً وأصبح لي في كل ساعة رأي.. مرة أنوي على الساحل الشمالي ومرة أقول “رأس البر” تناسب رمضان أكثر وأخيراً أقرر البقاء داخل أسوار بيتي ومازلت أفكر مع سعادة غامرة بأنني سوف أبدأ إجازة من الكتابة شهراً كاملاً فأستريح من الانفعال وأريح القراء من سيل المقالات على كل لون!
وعادة إجازة رمضان تذكرني بالعزيز الراحل “محمد الحيوان” وقد كان زميلي في حجرة واحدة سنوات طويلة اختلفنا أكثر مما اتفقنا ولكن بقي الاحترام والود دائماً حتي اختطفه الموت.
من حين لآخر أراه أمامي مبتسماً إذ كرمته جريدة “الجمهورية” التي عمل فيها معظم سنوات عمره ولكن التكريم ظل معلقاً لأن التمثال النحاسي الذي يحمل لوحة باسمه مازال أمامي منذ ما يقرب من عام فيذكرني بأن النوايا الطيبة لا تصل لأصحابها وان الوفاء كلام.. ذلك أن أحد الزملاء الشبان المشرفين على الحفل الجميل طلب مني ودون معرفة مباشرة سابقة أن أتسلم تكريم الحيوان نيابة عنه فوافقت على الفور رغم أنني كنت أيضاً من المكرمين ولا أحب الصعود الى المنصة والوقوف تحت الأضواء مرتين ورغم ان صلتي انقطعت بأسرة الزميل الراحل ابنه الدكتور حسن الأستاذ بكلية طب جامعة الزقازيق رحمه الله وأرملته الإعلامية “نوال سري” فلا أعرف كيف أحمله لأهله!
وعدني الزميل بثقة شديدة أن تلك هي مهمته وقبل أن أغادر الحفل سيتولي هو الأمر.. فلما بحثت عنه قبل انصرافي وعندما كانت تغني “أمينة” يا بتاع الحنطور يا محنطر لم أجده فقلت لنفسي سوف يقلق ويبحث عني.. ولكن يبدو أنه نسي الأمر.. فأصابني أنا القلق وبحثت عن رقم تليفونه المحمول الذي لم يرد عليه أبداً ولعله معذور فما دامت نمرتي غير مسجلة عنده فلماذا وجع الدماغ.. كما انه لم يفكر من باب حب الاستطلاع أن يعرف من الذي يلح في طلبه لعله مصدر لخبر أو معجب بما يكتبه لجأت الى زميل أكثر منه شباباً “على قدي” وطلبت منه إذا رآه أن يكلمني.. وقد كان إذ تكرم وفعلها لكن سوء حظي أنني كنت مشغولاً بمكالمة دولية فطلبت من زوجتي أن تعتذر له وسوف أطلبه وهو ما حدث بعد بضع دقائق فإذا بالتليفون يرن وأنا أيضاً ومازال رمز تكريم محمد الحيوان على مكتبي في منزلي!!
دنيا.. احلى ما فيها أيام زمان.

يسرا في مسلسل خاص جدا الذي يعرض في شهر رمضان

اخبار ومواضيع ذات صلة:

أضف تعليقاً